مجلة البعث الأسبوعية

صناعة السفن البحرية والمراكب إلى اندثار..  صناعيو طرطوس يطالبون باستيراد مستلزمات صناعتها!

البعث الأسبوعية – دارين حسن   

بدأت مهنة صناعة السفن البحرية بالتراجع والاندثار شيئاً فشيئاً إثر عقبات وصعوبات وقفت، وما تزال، في وجه الصناعيين المهرة فأوقفت الكثير منهم عن العمل كما جعلت البعض منهم  يفكر في إغلاق منشأته التي عمرها سنوات طويلة، وآخرون مستمرين على أمل النظر لهم من المعنيين.

عقبات وعراقيل

“البعث الأسبوعية ” تواصلت مع بعض صانعي السفن، والبداية مع القبطان خليل بهلوان والذي يملك خبرة ثلاثين عاما بتصنيع السفن، حيث صنع اثنتا عشرة سفينة خشبية تم تشغيلها بين أرواد وطرطوس وسفينتا ستار /١/ و ستار /٢/ أنجزهما خلال سنتين.

وعرض بهلوان العقبات التي تقف في وجه تصنيع السفن، وأبرزها الضرائب المرتفعة من قبل مالية طرطوس وعدم توفر المازوت والغار ورفع سعرهما بشكل دائم، كذلك الروتين عند إنجاز المعاملات والجمارك المرتفعة للمواد الداخلة بالصناعة، مشيراً إلى أن المنصة والقوانين والأنظمة عقبات كبيرة في وجه تطوير الصناعة.

توقيف المشروع

ولفت القبطان بهلوان إلى أن الصناعيين طالبوا بدعم الصناعة من المحافظة دون جدوى، وإلى عدم تمكنه من تصنيع سفينة لدولة العراق الشقيق إثر ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها، فتم إيقاف المشروع، مطالبا بمحاسبة ضعاف النفوس الذين يقفون في وجه الحرفيين ويضعون العصي في العجلات، والدعم الحكومي لمستلزمات الإنتاج على أن يتم إعفاءها من الضرائب والجمارك، وتيسير أمور الصناعيين والابتعاد عن الروتين العسير والمماطلة بإنجاز المعاملات متسائلا: ألا تكفي الضرائب؟

وفي السياق أشار الصناعي هيثم الضيعة إلى أن صناعة السفن والقوارب تاريخية ولكنها مهددة بالاندثار نتيجة الصعوبات والعراقيل التي تواجهها بسبب منع إدخال مستلزماتها!

وبين الضيعة أنه تم منذ حوالي أربعة أشهر توجيه حكومي للسماح باستيراد مستلزمات هذه الصناعة لإعادة إحيائها، وبناء عليه تم عقد اجتماع مع محافظ طرطوس لهذه الغاية وتم رفع لائحة بالمستلزمات المطلوبة، وحتى هذا التاريخ لم يتم اتخاذ أي إجراء بهذا الخصوص ولم تصدر تعليمات تتعلق باستيراد مستلزماتها!

 

الضرائب مرهقة

من جهته تحدث صاحب منشأة كبيرة لصناعة السفن عن حاجة الصناعيين لمزلقان قريب من البحر ليتمكن الصناعيون من بناء سفن كبيرة علما أنهم وعدوا بمزلقان بمنطقة الحميدية وما زال وعدا، لافتاً إلى الحاجة الماسة للكهرباء والمازوت الذي يتم تأمينه بطرق خاصة وصعبة للغاية، مضيفا: الإجراءات غير ميسرة والروتين والمماطلة أخرت أعمالنا، والضرائب أرهقتنا وعلى الصناعي دفعها إن تم التصنيع أو لا، حيث تصل الضرائب إلى /١٥ / مليون ليرة في السنة.

عضو المكتب التنفيذي المختص رئيف بدور أفاد: لم يصلنا شيء حول مطالب الحرفيين، وليس لدينا أي معلومات والمعني الأول هو اتحاد الحرفيين.

عضو مجلس اتحاد الحرفيين بطرطوس منذر رمضان تساءل هل حافظنا على مكانتنا بهذه الصناعة عالمياً كما كان الأجداد؟ مشيراً إلى أنه وفي نظرة واقعية نجد بأننا اكتفينا بتصنيع مراكب الصيد والنزهة واليخوت والتي أثبتت بأنها الأفضل على مستوى العالم، حسب رمضان.

ولفت عضو المجلس إلى امتلاك الكوادر الممتهنة لهذه الصناعة والقادرة على التطوير والتحديث بما يتناسب مع الحضارات كافة، ولكن لتحقيق هذا الأمر نحتاج إلى بنى تحتية للانطلاق بخطى ثابتة لنصل إلى ديمومة هذه الصناعة.

11حرفياً فقط

وفيما يخص صناعة مراكب الصيد والنزهة الأروادية، أشار إلى أن عدد العاملين فيها لم يعد يتجاوز /١١/ حرفياً فقط وقد ناهز أغلبهم عامه الخمسين، ولم يتعلم الأبناء هذه الحرفة  كونها مهنة متعبة بمردود مادي لا يكفي للاستمرار وتطوير حياتهم، لذلك اتجهوا إلى خوض عالم البحار كقباطنة وبحارة وفنيين .

ورأى عضو المجلس أن الحرفة في خطر الاندثار مستقبلاً ما لم يتم تدارك الأمر بخطوات جادة وسريعة، وذلك من خلال تذليل كافة العقبات وتسهيل عمل الحرفيين وتأمين مستلزماتهم وإيصالها إلى الجزيرة بأوفر الكلف.

مطالب مشروعة

ولم يغفل رمضان أهم المطالب كتخفيض الضرائب للحد الأدنى وتأمين الكهرباء لضمان استمرار الإنتاج إن كان عبر خط ساخن أو تأمين الوقود اللازم لتشغيل مولدات، وتسهيل الإجراءات الإدارية وإحداث نافذة واحدة عبر مراكز خدمة المواطن مرتبطة بكافة الجهات المعنية لحصولهم على التراخيص المطلوبة وتجديدها لصناعة المراكب اختصارا للوقت، إضافة إلى إلغاء بعض الاشتراطات كوضع مبلغ تأميني بالبنك لحين الانتهاء من صناعة المركب، كما هو معمول به بما يخص السيارات، فهم لديهم مصاريف أخرى ملحوظة وغير ملحوظة كما أنهم مجبرين على وضع الأخشاب في مياه البحر لفترة زمنية محددة قبل العمل بها لتصبح خالية من الأحياء الصغيرة التي تتسبب في تلفها لاحقا.

وتابع رمضان: يجب أن تكون علاقة الصناعي في الكشوفات الدورية أثناء التصنيع مع مديرية الموانئ بطرطوس مباشرة، وذلك بهدف استثمار خبرة صناع المراكب الأروادية وتعليمها بشكل عملي وأكاديمي ونقلها إلى أجيال متعاقبة بدءا من الصفوف الابتدائية تتضمن حصصا عملية  لنضمن استمراريتها وعدم اندثارها.

للديمومة والاستمرار

بدورنا نؤكد أهمية صناعة السفن باعتبارها رافدة لخزينة الدولة وداعمة للاقتصاد، كما أنها تساهم في تشغيل اليد العاملة، وتستقطب خبرات الشباب السوري من الخارج لتقديم خبراتهم لوطنهم الأم، وتؤمن حياة كريمة لهم، ما يستوجب دعم تلك الصناعة والاستجابة لمطالب أبنائها وذلك من خلال تأمين بنى تحتية ثابتة عبر أنظمة وقوانين واضحة تعطي الأمان لأصحاب رأس المال السوري لتوظيف أموالهم في كافة القطاعات الحرفية والصناعية وسواها.