مهنة الصيدلة ..اخطاء وممارسات بعيدة عن الخصوصية الإنسانية..وانزلاقممنهج في العمل التجاري والربحي
دمشق – البعث الأسبوعي
يبدو ان الظروف الصعب من كافة المناحي هيأت بيئة حاضنة للتجاوزات والمخالفات بشتى أنواعها وأشكالها ولم يسلم من هذه المتغيرات أي قطاع حتى القطاعات التي كان لها خصوصيةفي حياة الناس كمهنة الصيدلة التي باتت أقرب إلى العمل التجاري منها إلى العمل الإنساني الصحي فبالرغم من أهمية العمل الصيدلي إلأ أنه بات محط انتقاد ونقاش نظراً لكثرة المخالفات في هذا المجال .
ولاشك أن الصيدلة مهنة حساسة، وحساسيتها تجعل من عمل الصيدلي قضية تتباين فيها وجهات النظر إزاء دوره، وواجباته، ومسؤوليته، فهل يقتصر عمله على صرف الدواء للمريض نفسه؟ وهل تكفي الصيدلي خبرته، أم لابد له من الدراسة الأكاديمية لكي يؤدي عمله بإتقان؟ وهل أصبح المكسب المادي غاية الصيادلة فقط؟.
ارتفاع الأسعار
تردي الأوضاع المعيشية، وانتشار الفقر، وقلة فرص العمل، تجعل الكثير من الناس يلجؤون إلى الصيدليات مباشرة دون الذهاب إلى طبيب مختص، وذلك بسبب ارتفاع أجرة المعاينة إلى حد يفوق قدرة المواطنين الذين يقع معظمهم تحت خط الفقر.
أم منير تلجأ إلى إحدى الصيدليات رغم علمها بأن صاحبها لا يحمل شهادة صيدلة، مبررة ذلك بقرب الصيدلية من منزلها، وانخفاض أسعار الأدوية فيها مقارنة مع غيرها، كما تحصل منها على الحليب لطفلها بأسعار رخيصة باعتباره صنفاً غير مخصص للبيع يقدم للمحتاجين كمساعدات إغاثة، لكن الفقر وضيق الحال يضطرها لذلك بحسب تعبيرها.
سميرمهنا “موظف”، يتحدث عن الأمانة المهنية في عمل الصيدلي وحساسية عمله وأهميته حيث أشار إلى انه لاحظ على أخيه مظاهر الإدمان على شراء دواء اسمه (ترامادول) الذي حصل عليه من إحدى الصيدليات على أنه مسكن للألم، وعندسؤاله أحد الأطباء أكد بأنه يندرج تحت قائمة الأدوية المخدرة، ولا يجوز بيعها إلا بموجب وصفة طبية لأنه يؤدي للإدمان.وهنا يسأل عن كيفية بيع الصيادلة لهذا الدواء دون وصفات ؟.
منيرة اسعد “معلمة” تؤكد ان المخالفات التي تحصل من قبل الصيادلة سببها الرئيسي ممتهني الصيدلة الذين لا يحملون شهادة تخولهم بيع الدواء ووصفه للمرضى، مشيرة إلى أن هدفهم الربح المادي دون اكتراثهم بحياة الناس، ما جعل الصيدليات أشبه بدكاكين لبيع الدواء!.
الإدمان الدوائي
العديد من الصيادلة يشتكون من تصرفات بعض المرضى الذين لا يبالون بصحتهم، وليست لديهم خلفية ثقافية، حيث يطلبون أدوية غير مسموح ببيعها دون وصفة طبية، وفي كثير من الحالات تكون هذه الأدوية خاصة بعلاج أمراض خطيرة، أو طلب أدوية نفسية مخدرة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، لأن مثل هذه الأدوية قد تؤدي بصحة المريض للإدمان الدوائي، ويبدو أن الأدوية تصنف في ثلاثة أنواع حسب وجوب بيعها مع وصفة طبية أول نوع يسمى otc هي أدوية يكفل الصيدلي وصفها وبيعها، وفي كثير من الأحيان تباع في السوبر ماركت مثل الباندول، وأدوية السعال الخفيفة، والأنفلونزا والرشح، أما النوع الثاني من الأدوية فيلزم وجود وصفة طبية مثل أدوية الضغط، والسكري، والقلب، وبيع مثل هذه الأدوية ليس ممنوعاً دون وصفة، ولكن يجب متابعة الطبيب قبل أخذها، وخاصة الأدوية المراقبة وشبه المراقبة، والنوع الأخير حذرت الدكتورة من خطر التعوّد عليه لأنه دواء مخدر، وهو أشبه بالأدوية النفسية، وهنا لا يحق للصيدلي وصفها دون مراجعة الطبيب، ولا يجوز بيعها أكثر من مرة من الوصفة الطبية مثل دواء الترامادول.
أراء واقعية
العديد من الآراء اتفقت على أن هناك علاجات معروفة عالمياً يمكن صرفها دون وصفة طبية، وهي علاجات ليست لها تأثيرات جانبية، ولا تتعارض مع أدوية الأمراض المزمنة، وهذه الأدوية قد تجدها في محلات التسوق الكبيرة مثل علاجات السعال، والصداع، إلا أن هناك أدوية متعلقة بأمراض خطيرة مثل الضغط، والسكري، وأمراض القلب كافة، وهذه لا يجوز أخذها دون استشارة طبية لأنها قد تودي بحياة المريض.
ومهما كانت خبرة الصيدلي كبيرة، إلا أنها لا تقارن بخبرة الطبيب وعمله، وصرف هذه الأدوية دون وصفة طبية يعتبر خرقاً للقانون يوقع مرتكبه تحت طائلة المسؤولية، ويترتب عليه عقاب، وهذا الكلام لا يقصد به التقليل من أهمية الصيدلاني لأنه خبير في علم الأدوية وتركيبها، ويستطيع تنبيه الطبيب لتضارب علاجين في حالات الخطأ.
محاذير وضوابط
ولن ننسى أن مهنة الصيدلي من المهن الطبية المساعدة، ولا يقتصر دور الصيدلي على بيع الدواء فقط، بل هو المسؤول عن تأمين الدواء اللازم للعلاج، ومساعدة الطبيب في شفاء المريض بصرف الدواء الصحيح، والجرعات المحددة، والتحذير من أية آثار جانبية، ولابد للصيدلي أن يتقيد بما هو مدون في الوصفة، مع تقديم شرح كاف للمريض عن الدواء مثل كيفية تناوله، وعدد الجرعات، وما شابه، لأن المريض لا يعرف ما الذي يضر بصحته، وهذا ليس ذنبه.
كما أنه لا يحق لأي فرد ممارسة مهنة الصيدلة إلا بعد أن يمنح ترخيص مزاولة المهنة من وزارة الصحة، ويشترط أن يكون حائزاً على شهادة الصيدلة الأساسية، ومارس هذه المهنة لمدة لا تقل عن سنتين.
لابد من حلول
بالمحصلة لا يوجد صيدلي يبيع دواء لمرض خطير بناء على طلب المريض، أو تحت مسؤوليته، علماً أن هناك أدوية يصرح للصيدلي بوصفها وبيعها تسمى OTC تشمل أمراض السعال، والرشح، والأمراض البسيطة، وهناك دور أساسي للناس في محاربة هذه المشكلة، وذلك بالإبلاغ عن أي تجاوز يلاحظونه من أي صيدلي، لمحاربة هذه الظاهرة، وحماية الناس والمهنة من أي تجاوز أو خطأ من خلال المحاضروبالتأكيد الدواء سلاح ذو حدين، فقد يكون علاجاً للأمراض، وقد يكون سماً قاتلاً لعدم دراية الأشخاص الذين يبيعونه ويتعاملون به، ما يؤثر على المواطن الذي يكون الضحية الأولى، لذلك لابد من الالتزام بالقوانين والمعايير، ونشر الوعي الصحي بين المرضى وأفراد المجتمع، ومطالبة نقابة الصيادلة بمراقبة كافة صيدليات المحافظة، والقيام بجولات دائمة للتأكد من سلامة عملية بيع الدواء، والتأكد من شهادة العاملين بالصيدلية، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بحق كل من يخالف القانون، ويعرّض سلامة المواطنين للخطر.