حتى يؤتي قرار منع تصدير زيت الزيتون مفاعيله.. على “التدخل الإيجابي” المسارعة في ضبط السوق والأسعار
دمشق – قسيم دحدل
دعونا نتفق أولاً على أن مصطلح “ضبط الأسعار” يختلف جملة وتفصيلاً عن مصطلح “خفض الأسعار”، إذ أنه وبحكم التجارب، حتى “ضبط الأسعار” لم يؤدِ إلى الضبط المستهدف، لا صعوداً ولا هبوطاً، لأن الجهات المعنية والمسؤولة عن ذلك لم تستطع تاريخياً السيطرة على مفاعيل السوق والمتحكّمين به من تجار وسماسرة ومهرّبين، والسبب عدم امتلاكها لـ”داتا” معلومات وإحصائيات رقمية واقعية حقيقية وشبه دقيقة لعدد السلع وكمياتها وحركتها وأسعارها والتغيّرات التي تطرأ عليها، والتي على أساسها يمكننا تحقيق التوازن في ميزان العرض والطلب ( دراسة الأسواق).
استناداً إلى ما تقدّم، فإن موافقة رئاسة الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمّنة تكليف وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية بإصدار القرار اللازم لإيقاف تصدير مادة زيت الزيتون اعتباراً من ١-٩-٢٠٢٣، لا يعني حدوث انخفاض في سعر زيت الزيتون، الذي شهدت أسعاره ارتفاعاً بنحو 3 أضعاف، حيث وصل سعر صفيحة الزيت سعة 16 كغ إلى أكثر من 1.2 مليون ليرة، بعد أن كان السعر في بداية الموسم السابق لا يتجاوز 350 ألف ليرة، كما لا يعني الجزم بمقدرة تلك الجهات على “ضبط أسعار” المادة..!، ولو رجعنا إلى ملفات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في “الضبط”، لتأكد لنا ذلك.
وعليه فالادّعاء بأن إيقاف تصدير زيت الزيتون -وفقاً لتصريح مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة- سيكون كفيلاً بـ”ضبط أسعاره”، مبالغة تسويقية أقرب للتخمين منه للتأكيد، خاصة وأن التّجار كانوا السباقين (بينما مؤسّسات التدخل الإيجابي لا تزال تغطّ في نوم عميق..) في قراءة مشهدية السوق، فأسرعوا لشراء المادة من الفلاحين وبأسعار عالية، كما أسلفنا، الأمر الذي سيؤدي حكماً إلى احتكار المادة، لأنه من المستحيل أن ينخفض سعر صفيحة الزيت سعة 16 كغ إلى 500 أو 550 ألف ليرة كما أُعلن!.
واقع لمادة غذائية رئيسية يشي بعدم قدرة الكثير من العائلات السورية على شراء احتياجاتها السنوية من هذه المادة حتى بحدود الكفاف (صفيحة واحدة فقط سنوياً). وهنا يطرح السؤال نفسه: ما العمل الواجب فعله حتى تحصل العائلة على حصتها الدنيا من هذه المادة؟
الجواب يتمثّل بطرحٍ نأمل الأخذ به وهو أنه ولتحقيق “ضبط السعر وتخفيض السعر” معاً، فعلى مؤسّسات التدخل الإيجابي أن تقوم بشراء المعروض من المادة في هذا الموسم، والقيام ببيعه، عبر منافذها، صفيحة واحدة لكل عائلة وعلى البطاقة الذكية، ومنعاً لأية عملية فساد في البيع والتوزيع العادل وقطعاً لأية عملية شراء مشبوهة قد يلجأ إليها سماسرة السوق، نرى أن تقوم الوزارات وجهاتها من مؤسّسات وشركات بالتسجيل على صفيحة زيت زيتون واحدة، لكلّ من يرغب من العاملين فيها ولديه بطاقة ذكية، ليصار بعدها إلى تحديد الحصص، ومن ثم توزيعها على العاملين، في أماكن عملهم، وبذلك نكون قد حققنا معادلة “ضبط الأسعار وتخفيض الأسعار”..، هذا إن كنّا جادين فعلاً بحماية شريحة الدخل المحدود من جشع التّجار واحتكارهم والتحكم بالأسواق.
Qassim1965gmail.com