لا انتظار لـ”غودو” ولا بقاء لـ “غورو”
أحمد حسن
ببساطة ووضوح: لم نعد نملك، سياسياً واقتصادياً ووطنياً، ترف انتظار “غودو” المجتمع الدولي كي يستفيق على رفض الاحتلالين الأمريكي والتركي اللذين “يأكلان” فعلياً مستقبلنا، فجلسة مجلس الأمن الأخيرة كانت فاقعة في تظهير “غياب” “غودو” المجتمع الدولي، فيما “غورو” هذا “المجتمع” ذاته كان يعتدي، بيد ربيبته “إسرائيل”، على مطار حلب الدولي، ويحضّر ويجهّز في الآن ذاته، في السياسة والميدان، عملاءه الآخرين كي يقودوا – وبالأحرى يجرّوا – عربته في شوارعنا.
مندوب المحتل التركي في مجلس الأمن الدولي أعلن، خلال هذه “الجلسة”، “قلق بلاده نتيجة موجة التصعيد التي يشهدها الشمال والشمال الغربي من سورية”، وهو “قلق” مصنّع ومقصود لتبرير موقف بلاده الرافض للانسحاب من سورية “في ظل وجود تهديدات أمنية”، وفق تعبيره، دون أن يقول له أحد في هذا “المجلس” (المسؤول عن الأمن الدولي!!) أن بلادك هي السبب الأول لهذه التهديدات والداعم الأكبر لذلك التصعيد المفتعل بحثاً عن ظرف مناسب لإعادة إحياء “السلطنة” بشروط “الباب العالي” المستعادة ذاتها.
مندوبة المحتل الأمريكي التي تباكت على الملف الإنساني لم تحتج إلى من يذكّرها بدور بلادها في عرقلة هذا الملف ومنع حلّه، فقد أعلنت بنفسها وفجور، معهود أمريكياً، رفضها فتح الباب أمام العودة الطوعية للاجئين السوريين لأن تلك العودة مرتبطة، – كما قالت وتقول إدارتها منذ زمن – بـ “ثمن سياسي يجب على دمشق دفعه” وهو ذات الثمن الذي تريد بلادها “قبضه” من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية غير الشرعية على سورية وشعبها.
والأمر فإن التناغم بين المحتلين، التركي والأمريكي، لم يتوقف على مجريات “الجلسة” وكلامها المسجّل، بل انتقل إلى الأرض السورية ذاتها، ففيما أطلقت أنقرة حملة جديدة تستهدف نشر لغتها في المناطق التي تحتلها في شمال وشمال شرقي سورية في سياق سياسة التتريك المتّبعة هناك، كان ثلاثة نواب أمريكيين يزورون، تسللاً، المنطقة ذاتها، فيما يبدو لأي مراقب حيادي كـ “تخادم” متبادل بين المحتلين.
وبالتأكيد، فإن مخطّطات “غورو” القرن الحادي والعشرين لا تتوقف هنا، فهناك فكرة، وعمل دؤوب، أميركي – “إسرائيلي” مشترك، لإنشاء منطقتين عازلتين إحداهما مسلّحة بـ “داعش” على الحدود السورية العراقية تمنع أي تواصل بين البلدين والشعبين، والثانية في الجنوب السوري – منزوعة السلاح إلا سلاح الفتنة – هدفها الحقيقي حماية “إسرائيل” واحتلالها الممتد زمنياً للجولان السوري من غضب آت في زمن لم يعد بعيداً.
ذلك كلّه لم تلحظه جلسة مجلس الأمن، لا الحالية ولا ما سبقها، كما أنها لن توضع على جدول أعمال الجلسات اللاحقة، إلا بشرط واحد يتمثّل في أن يعي أبناء شعبنا، جميعاً، أن ما هم فيه اليوم من ضيق وضنك “معيشي” واقتصادي سببه الأول “غورو” التحالف الأطلسي العثماني الجديد الذي تجاهل “البعض” دوره المعلن فيما وصلنا إليه اقتصادياً، وينظر إليه “البعض” الآخر كأداة مساعدة لتحقيق أوهامه الضاربة عميقاً في جذور “الفتنة”، فيما هو – وكما أسلفنا وكما يفضح تاريخه المديد – لا يبحث إلا عن أتباع يجرّون عربته داخلاً غازياً ويدفعون الثمن عنه خارجاً مدحوراً.. فييتنام مثالاً قديماً. أفغانستان مثالاً أحدث، فمن يعتبر؟؟!!