مجلة البعث الأسبوعية

العمل الإنساني.. امتحان لدور المجتمع الأهلي ومبادرات تبحث عن الدعم

البعث الأسبوعية – تقارير
تتكرر الأمثلة التي نشاهدها يومياً أو القصص التي نسمع عنها في المجتمع لحالات كثيرة تراجعت فيها النواح الإنسانية وغاب التكافل الاجتماعي عن صورها ومن إحدى تلك القصص قصة إيناس الطالبة الجامعية التي تبدو مستاءة من الحالة السلبية التي يظهرها البعض حين تكون واقفة في الباص مثلا دون أن يحاول أحد الشباب منحها كرسيا للجلوس أو حين تقف في الشمس فترة طويلة دون أن يساعدها جسدها أو طبيعتها كفتاة في التدافع مع الأشخاص الذين ينتظرون وسائل النقل أيضا، قصة أخرى حدثت مع أبو حسام الرجل الأربعيني الذي ترك منزله المُستأجر، ولأكثر من مرة، دون أي رحمة أو شفقة من قبل المالك ودون أي تقدير لوضعه ووجود أطفال لديه في المدارس ويكمل أبو حسام: عن أي تكافل اجتماعي يمكننا الحديث في ظل ضعف العلاقات بين الأهل والأقارب، وما بتنا نعيشه من ظلم وقسوة وجور في هذه الأيام السوداء؟

في الجانب الآخر
في المقابل ربما لا تكون الصورة مظلمة تماماً فهناك حالات كثيرة تجلت فيها الرحمة والإنسانية وظهر خلالها سلوك يمثل ما نحتاجه فعلا في الأوقات الصعبة وهناك صور وقصص إيجابية من الجانب الآخر يتحدث عنها البعض، فيتحدث علي الشاب الثلاثيني عن قصة حدثت معه منذ سنة مضت حين توقف له شخص لا يعرفه وأقله في سيارته بعد أن شاهده مقطوعا في الطريق في وقت كان يشهد أزمة مرور وقلة في وسائل المواصلات، وقال كم كنت ممتنا لذلك الرجل وسلوكه النبيل، وتتحدث فرح الشابة العشرينية عن انتسابها لجمعية عمل تطوعي قدمت من خلال العمل فيها المساعدة للكثير من الأشخاص سواء من ناحية المادية المتمثلة بوجبات الطعام للفقراء والمحتاجين أو الزيارات لأماكن كثيرة

اختبار فعلي
يؤكد الدكتور منير محمود المتخصص في علم نفس الاجتماع أن الكوارث والحروب تمثل في الحقيقة فترات اختبار فعلية لسلوك الإنسان وتجسد السلوك الحقيقي له، ومن المتوقع في الازمات والظروف الصعبة أن تظهر الكثير من القصص والنماذج التي ترسخ الفردية والأنانية وتغييب مظاهر التكافل الاجتماعي فالسلوك المدني الإنساني انعكاس لبعدين أساسيين هما التربية الاجتماعية والحالة الثقافية، وللأسف لم يكن مجتمعنا متفوقا في هذه الأبعاد الأساسية في الفترة التي سبقت الحرب، فلا يمكن أن يتجسد نظام التكافل إلا بالتحرر أو التقييد بكلاهما فالتحرر خلال الأزمة من صلب القيم الاجتماعية والتحرر هو من أساسيات المجتمع الفاضل، وهنا المشكلة الكبرى أن السلوك انعكاس للخلفية الثقافية الإيديولوجية للشخص وللثقافة بشكل عام وهشاشة هذه الثقافة هي انعكاس للتربية والتعليم.

الفكر التطوعي
حالات عديدة أظهرت وأبرزت وعيا جماعيا تمثل بنضج الفكر الاجتماعي عند بعض الفئات الاجتماعية وتمثلت بظهور الفكر التطوعي التكافلي لدى شرائح الشباب خاصة وهذا الأمر كان ملفتا ودل على نضج حقيقي والمهم جدا في هذه الفترة إعادة النظر بموضوع تمويل الجمعيات ولاسيما الشبابية وتفعيل نظام البطالة والتقدم الاجتماعي للمحافظة على رأس المال الاجتماعي بمعنى أن نقدم معونات حقيقة للمحتاجين، وهذه المعونات ليست مادية فقط إنما تأمين فرص عمل للفرد عبر بوابات حقيقة وفعلية للعاطلين عن العمل تسهم بخفض العبء عن الجمعيات، فالدعم المادي حين نبحث عن تعزيز التكافل الاجتماعي يكون مع دعم شامل من كل النواحي الأخرى النفسية أو الاجتماعية وهو يعتمد نظام ما بعد الصدمة للحروب أو الكوارث.