“دعم الإنتاج الزراعي”
بشير فرزان
اكتناز حياة الفلاح السوري بالهموم والآمال الضائعة بات الحالة الأكثر حضوراً على ساحة العمل الزراعي الذي قلّمت سنوات الأزمة مقوماته وأخضعته لسلسلة متتالية من الانتكاسات الكبيرة التي تصل تداعياتها لدرجة الكوارث من حيث التداعيات والخسائر الكبيرة، سواء على العملية الزراعية أو على حياة الفلاح الذي بقي متشبّثاً بأرضه ومدافعاً عنها متحديا الظروف التي حصدت ولسنوات عديدة تعبه في أرضه. وهنا نسأل: ماذا كانت النتيجة؟ هل وقفت الجهات المعنية إلى جانبه ودعمته، أم تركته يواجه الصعوبات وحده، وخاصة في هذه الآونة التي تعرض فيها لخسائر كبيرة نتيجة الكوارث الطبيعية؟
وطبعاً لا نستطيع إنكار أن الحراك الرسمي بضجيج تصريحاته وتفاعل بعض مفاصله الزراعية مع محنة الفلاح أدخل الطمأنينة إلى حياته، وبدد الكثير من مخاوفه وهواجسه ورفع من معنوياته، إلا أن ذلك لا يعني انتهاء المشكلات والنجاح في تضميد جراح النزيف الزراعي بخسائره الكبيرة، فقرارات تشكيل لجان متخصصة لإحصاء الأضرار التي تعرضت لها المحاصيل الزراعية ووضع آلية مناسبة للتعويض على المزارعين وتقديم كل أنواع الدعم لهم للاستمرار بنشاطهم الزراعي كانت على مدار السنوات الماضية وحتى الآن بنتائجها وعائداتها وتعويضاتها المتواضعة أشبه بحالة الحبل الوهمي التي تطول فترة مخاضها دون أي مولود ليمنى الفلاح بصفعة من العيار الثقيل.. “اللي يجرّب المجرّب.. عقله مخرّب”.
وبكل تأكيد، لا يمكن انتشال الفلاح من المعاناة والفقر والخسائر إلا من خلال خطوات تنفيذية سريعة في مجال التعويض المباشر وتقديم الدعم الحقيقي الذي من شأنه مواساة الفلاح في محنته وتدعيم هذا الصمود الفلاحي وتعزيز إنتاجيته الزراعية التي كان لها الدور الأكبر خلال سنوات الأزمة في تأمين احتياجات الناس ومواجهة الإرهاب وكسر طوق الحصار والتغلب على جميع التحديات بهمة وعزيمة واستبسال حقيقي على جبهة المقاومة، سواء على جبهة الحرب على الإرهاب أو على الجبهة الداخلية، وتوفير كل ما من شأنه تمتين وتقوية حالة الصمود.
وما يدعو للأسف أن مسلسل الخسائر الزراعية الذي تطول حلقاته وتتنوع شخصياته والجهات المشاركة ينتهي بتواقيع خضراء كان من المفترض أن يعم الخير في بيادر الفلاح ومواسمه بقراراتها الداعمة للعملية الزراعية من البداية حتى النهاية، لا أن نرى اليباس وخيبة الأمل والخسائر الكبيرة التي تصيب حياة الفلاح في الصميم.