ليست منّة أو جبر خواطر..!
غسان فطوم
من الآخر، ودون مقدمات، من حق الصحفيين أن يحظوا بطبيعة عمل 100%، بل وأكثر على الراتب الحالي المقطوع، فقد آن الأوان لإنهاء حلقات مسلسل “التريث” الذي تعمّدت الجهات المعنية إطالته دون وجه حق، متجاهلة الجهد الكبير الذي يبذله الصحفي في مهمات عمل صعبة تتطلّب ركوب المخاطر، وتستنزف قوته الذهنية والجسدية، فمهنة المتاعب تعتبر ثاني أو ثالث أخطر مهنة، وتحتاج لتركيزٍ عالٍ يحرق الأعصاب ويعلّ القلوب ويعمي العيون، فهل نستكثر على الصحفي تعويضاً عادلاً أسوة بأساتذة الجامعة والأطباء والمهندسين والفنيين، وغيرهم الذين زادت تعويضاتهم خلال الفترة الماضية بنسبة 100 – 200%؟ وهل يعقل أن يكون سقف معاشه التقاعدي 25 ألف ليرة لا تشتري اليوم علبة دواء لمرض مزمن؟!
إن إقرار طبيعة العمل الصحفي ليست منّة أو جبر خاطر، بل هي حقّ مشروع ومكتسب للصحفيين كفله القانون منذ ثمانينيات القرن الماضي، بموجب المرسوم التشريعي رقم ٤ لعام ١٩٨٠، القاضي بمنح ٥٥% من الراتب المقطوع للصحفيين. لكن، فيما بعد، تمّ تخفيض هذه النسبة إلى 6.5% بعد صدور قانون العاملين الموحد! ومنذ ذاك التاريخ ولغاية اليوم يطالب الصحفيون بهذا الحق “الضائع” أو “النائم” في أدراج المعنيين.
للأسف، ما زالت النظرة النمطية للصحفي مستمرة باعتباره موظفاً يؤدي عملاً إدارياً روتينياً، دون الأخذ بالاعتبار طبيعة وخصوصية مهنته الشاقة التي تتطلّب وتحتاج بيئة مشجعة تمكنه من تأدية عمله بأريحية وبمهنية وموضوعية، بعيداً عن أية ضغوطات أو تأثيرات، علماً أن النسبة المقترحة قياساً لعدد الزملاء الصحفيين المستفيدين منها (بحدود 3000) لا تشكّل أي عبء على الخزينة العامة.
مؤلم لقلوب الصحفيين أنه لم يبقَ من الميزات التي كانت تُعطى لهم إلا ما ندر! وأهمها إلغاء تخصيصهم بعدد من البيوت في كلّ مشروع سكني، فإلى متى يبقون على قارعة الطريق بانتظار بصيص الأمل؟!
بالمختصر، يحتاج الصحفيون إلى الصدق في الوعود والإنصاف في المعاملة بما ينسجم مع صعوبة عملهم وتقدير مسؤولياتهم في الدفاع عن قضايا الوطن والمواطن، وأهمها رفع تعويض طبيعة العمل، فلا تجعلوهم كـ “الإسكافي” الحافي.