حوارية “ولع المغلوب بتقليد الغالب” في منتدى الرواق الثقافي المعرفي
البعث- نزار جمول
يبدو أن الحراك الثقافي المعرفي في سلمية بدأ ينتشل الثقافة والأدب من مستنقع الشعر الذي شتّت الثقافات في قصائد لم ترتقِ للسوية الشعرية المطلوبة، ومن هذا المنطلق ارتأى ملتقى “الرواق الثقافي المعرفي” بأن يكون للحوار وجلساته حصة كبيرة من فعالياته، فقدّم الدكتور باسل الشيخ ياسين ورقته الحوارية “ولع المغلوب بتقليد الغالب”، وهذه المقولة تحوّلت عند ابن خلدون إلى قاعدة، أولها الغالب وصفاته والمغلوب وحالته والشروط التي تتحكّم بهذه العلاقة.
ومن خلال ذلك ركّز الدكتور باسل على مقولة القس القرطبي ألفارو “إن إخواني في الدين يجدون لذّة كبرى في قراءة شعر العرب وحكاياتهم، ويقبلون على دراسة مذاهب أهل الدين والفلاسفة المسلمين، لا ليردُّوا عليها وينقضوها وإنّما لكي يكتسبوا من ذلك أسلوباً عربيّاً جميلاً صحيحاً”، معتبراً أنها تؤكد أن صاحبها بدا عليه التخوف من ظاهرة التأثر الأوروبي بالحضارة العربية لأنها كانت سيدة العالم آنذاك، واعتبر الشيخ ياسين أن الدور الحضاري للعرب بدأ اليوم بالانكفاء، حتى إن العرب باتوا يقتبسون عن الغرب الكثير من التفاصيل الحياتية تبدأ بالأزياء والعادات والنمط الحياتي لهم بحجة مواكبة الموضة وغيرها، موضحاً أن كل ذلك التقليد ما هو إلا حالة الانهزام الحضاري الذي تعيشه المجتمعات العربية حالياً. وعرّج الدكتور باسل على تجربة الحداثة في مصر أيام محمد علي باشا والتي حلّلها رفاعة الطهطاوي على أنها كما في اليابان تمتاز بأن اليابانيين اقتبسوا الحضارة الغربية عن الولايات المتحدة الأمريكية من دون أن تتخلى عن هويتها وأصالتها وكما وصفها المفكر الياباني “فوكوزاوا” بالنهضة، واختتم المحاضر ورقته بأنه لا يخفى على أحد أن المناسبات الخاصة بالغرب أضحت تقليداً سنوياً لدى المجتمعات الشرقية كرأس السنة الميلادية وعيد الفالانتاين.
وحاول الحضور الغوص في ماهية الحوارية من خلال المداخلات التي أغنت الجلسة، وركزت على تعريف الغالب والمغلوب والظواهر المنتشرة من خلال تداخلات اللغات الأجنبية على اللغة العربية، والتأكيد على الامتزاج مع الثقافات الأجنبية ومدى خطورتها على الجيل، كما استشهد البعض بمقولة الشاعر محمود درويش “يعشق القتيل وجه قاتله”، كما أن التقليد الأعمى بتغيير اللغة الأم واستبدالها بلغات أجنبية، والقوي أي الغالب يفرض مفاهيمه لأن قوته تنبع من قوة اقتصاده، والغزو الثقافي هو من يقوي الغالب على المغلوب، وأجاب الدكتور باسل عن كل الاستفسارات والمداخلات لتنتهي هذه الجلسة الحوارية بالتحضير لجلسات أخرى.