ثقافةصحيفة البعث

أركان البيت الدمشقي في “حكايات دمشقية”

ملده شويكاني 

“باب اليوك” أحد أجزاء البيت الدمشقي المزدان بالزخارف والمنمنمات والورود المذهبة بفن الدهان الدمشقي المعروف بالعجمي، يعتليه القوس المنحني وتشغل التقسيمات الهندسية دفتيه، كان حاضراً ضمن مجموعة التصميمات لأركان البيت الدمشقي التي قدّمها الحرفي الفنان ماهر بوظو في معرضه “حكايات دمشقية” لفنّ الدهان الدمشقي في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- إضافة إلى تشكيل الحروفيات لآيات من القرآن الكريم، منها سورة الإخلاص.

الرسم وفنّ الدهان

وفي جانب آخر دمج بين الدهان الدمشقي والرسم الاحترافي الذي شغل وسط اللوحة لمعالم البيت الدمشقي، وبعض أوابد سورية، ولاسيما التي طالتها يد الغدر بعدما خرب الإرهابيون جزءاً منها، مثل الجامع الكبير في حلب وقوس النصر في تدمر، كما اشتغل بلوحات عن النواعير وقلعة حلب الشامخة… وغيرها.

تداخل الزخارف والنقوش

بدأت “البعث” الحديث معه من عنوان المعرض التراثي المتعلق بفن الدهان الدمشقي –العجمي- أحد عناصر التراث الدمشقي، الذي انتشر في العصر الإسلامي وتداخلت زخارفه ونقوشه بين فنون الزخرفة الفارسية والتركية والعربية والمغربية، فأوضح أن لكل لوحة ولكل تصميم حكاية تجتمع كلها في هذا المعرض، مثل لوحة باحة البيت الدمشقي التي رُسمت بحرفية عالية ودقة ضمن درجات الواقعية للبحرة والنباتات والأرضية، مع إضافة الطاولة وبدا سطح اللوحة نافراً من تأثير مادة النباتة داخل الإطار الأول، تحيط بها زخارف الدهان داخل الإطار الثاني.

باب اليوك

وتابع بوظو عن تصميم باب اليوك المعروف بالبيوت الدمشقية القديمة، الذي تزينه العائلات الثرية بزخارف العجمي، وهو باب يخفي وراءه بالفجوة مستلزمات الشتاء، وعن “الكازيات” وهي الرفّ مع القاعدة يوضع عليه مصباح الكاز ويعلق بالجدار، ثم المبخرة و”المقرنص الشامي” الموجود في كل قاعة وهو الفاصل بين أعلى الجدار والسقف.

طاولة الوردة

وفي ركن آخر وظّف بوظو فنّ الدهان بتصميم ركن خاص بالصالون، مؤلف من مرآة جدارية وقاعدة زينة وكرسيين، بالتذهيب والتدهين، وعقب بأنه نظراً للتكاليف الباهظة لهذا الفن والتي تحول دون تصميم قاعة كاملة، اعتمدتُ على تصميم أجزاء من الكلّ مثل ركن الصالون.

ومن التصميمات الملفتة طاولة الوردة –المتصلة المنفصلة- على شكل وردة مؤلفة من طاولة وسطية تحيط بها مجموعة طاولات صغيرة للضيافة تشبه وريقات الوردة.

وعقب بوظو: بناءً على رغبة محبي الدهان الدمشقي بالاقتناء قدر الإمكان عملتُ على تصميم اللوحات بقياسات مختلفة، كما قدمت أفكاراً جديدة بتصميم غطاء لعلبة الحلويات وصينية الضيافة.

أما عن مراحل العمل فتمّت الاستعانة برسام محترف للوحات كنوع من التجديد، إلا أن هذه الحرفة تقتصر على رسومات الزخرفة والنقوش النافرة وتداخلاتها ببعض الرسوم بأسلوب انطباعي وفق الطريقة التركية.

ويتكون فريق العمل في ورشتي من ستة أفراد تعلموا منذ الصغر تفاصيل الحرفة وأصولها، إذ يبدأ العمل من التصميم إلى عملية الأساس والحف والمعجونة، ومن ثم طبعات الرسم على ورق وتثبيتها وطباعتها وعملية النافر بالنباتة المؤلفة من الجبصين والسبيداج والغراء، وبعدها التلوين للورود والتذهيب بالذهبي والفضي، والتحديد باللون الأسود.

سبب التسمية

وفي نهاية الحديث نوّه بوظو بأهمية المعارض الدورية التي تقيمها وزارة الثقافة لتنشيط هذا الفن والحفاظ على الحرف الدمشقية التراثية وتطويرها بما يتناسب مع الوقت الحالي.

مؤتمر آرابيسك

كما أشار إلى تسمية هذا الفنّ بفنّ الدهان الدمشقي، ويعود إلى تسمية العائلات نسبة للحرفة التي يشتهر أفرادها بها، من هنا جاء تسمية عائلة الدهان –بكسر الدال- العائلة التي رمّم أفرادها الجامع الأموي الكبير بعد الحريق الذي نشب عام 1893.

كما بحثتُ في كتاب “قاموس الصناعات الشامية” للكاتب محمد سعيد القاسمي، فلم أجد أي ذكر لمصطلح العجمي، فالعجمي مصطلح غربي قديم، فتابعتُ هذا الأمر عام 1993 في مؤتمر آرابيسك الذي عُقد في دمشق، إذ تم الإقرار بتسميته بفن الدهان الدمشقي.