انطلاق مشروع “شيبلا” وتوقيع باكورة إصدارات الدار في ثقافي حمص
حمص – سمر محفوض
انطلاقاً من مفهوم السعي للمشاركة بالمشهد الثقافي المتميّز لحمص وجمهورها الخاص بذائقته العالية، أقامت مجموعة “شيبلا” الثقافية والتي تضمّ كورالاً وفرقة فنون شعبية ودار نشر وجمعية ثقافية احتفالاً خاصاً بإطلاق دار “شيبلا” للطباعة والنشر، تضمن قراءة نقدية في باكورة إصداراتها التي حملت عنوان “ما وراء الغياب في شعر توفيق أحمد” للناقد محمد سلمون.
الشاعر توفيق أحمد، نائب رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية، ورئيس تحرير صحيفة الأسبوع الأدبي، ومذيع في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، أشار إلى أن فكرة الاحتفاء بالكتابة والنشر هي فعل يستحق التوقف والاهتمام، في زمن يشهد تراجع الكتابة والنشر لمصلحة النشر الإلكتروني، موضحاً أن المجموعة الثقافية التاريخية لـ”شيبلا” لم تكتفِ بإطلاق دار شيبلا للنشر بتوقيع أول كتاب نقدي صادر عنها، بل أمتعت جمهورها بأغانٍ تراثية لـ كورال شيبلا الذي شكل ظاهرة مختلفة وجديدة، بالإضافة للتنسيق الإعلامي الرفيع المستوى، لافتاً إلى أن الكتاب النقدي الذي يحمل عنوان “ما وراء الغياب في شعر توفيق أحمد” قد عمل على المجموعة الشعرية الأولى فقط من مجموعاتي التي صدرت عام 1988 بعنوان “أكسر الوقت وأمشي”.
بدورها الدكتورة آلاء دياب، المدير التنفيذي لمشروع “شيبلا”، بيّنت أن المشروع شبابي غير ربحي متكامل، يضمّ دار نشر وجمعية ثقافية وفرقة فنون شعبية وفنون مسرحية قيد التأسيس، وكورالاً تراثياً يسعى بكامل طاقته لإحياء وتعزيز الهوية السورية من خلال خطة عمل متكاملة تشمل عدة محافظات، وأشارت إلى أن الجمعية الثقافية للمشروع تحمل توجهاً تاريخياً سورياً، وقد تمّ اختيار اسم “شيبلا” نسبة لسنبلة القمح باللغة السريانية.
رئيسُ جمعية العاديات بحمص الدكتور نزيه بدور، أشار إلى أن محمد سلمون قدّم في كتابه النقدي “ما وراء الغياب” قراءة تفكيكية في شعر توفيق أحمد، مؤكداً أن التفكيك ليس أسلوباً فكرياً مكملاً للنص، بل أسلوب لقراءة النص الإبداعي وإعادة تفكيكه بحثاً عن الغائب فيه، وقد سعى الكاتب لتفسير شعر توفيق أحمد من الجانب الحداثي، محاولاً تقويض النص والبحث في داخله عما لم يقله الشاعر بشكل صريح.
من جانبه الناقد الدكتور هايل الطالب، تناول تجلّيات خطاب العشق عند الشاعر أحمد، موضحاً أن الدّراسة هدفت إلى تبيان أهم الأسباب وراء استحضار الفاعل الشعري، أو تغييبه، أو حتى تهميشه في نصوص الشاعر السوري توفيق أحمد، كما ركّزَتْ على غياب الفواعل الشّعريّة وحضورها في المجموعةِ الشعرية “أكسر الوقت وأمشي”، منوهاً بأن التجربة الشعرية السورية لم تنل حظها من الدراسات النقدية الأكاديمية والتي تناولت التجربة الحداثية للتجارب الأولى فقط، موضحاً أن تناولها بالنقد والدراسة يسهم في إغناء المشهد النقدي العربي والمحلي، لافتاً إلى ثراء تجربة الشاعر توفيق أحمد الذي تجاوز شكلانية الخضوع للأنماط، وأكسب تجربته الشعرية أهمية خاصة وتفرداً جميلاً.
وأكد الناقد محمد سلمون أن ما تمّ تناوله في الدّراسة، وهو -تحديداً- ما نزعم أنّه لم يسبق أن تمّت دراسته في المنجز الأدبيّ (الشّعريّ) السّوريّ، وإنْ كان يبدو للنّاظر- للوهلةِ الأولى- أنَّ ما نطرحهُ هو قضيّة بدهيّة واضحة بذاتِها، ولا تحتاجُ للدّراسةِ، وأنَّ الخوض فيها لا يعدو أنْ يكون من باب العبث النّقدي، أو التّنظير الأدبي من دون طائل، أو كما قد يراها آخرون مغامرة نقديّة فاشلة، أو تجديفاً في غير مكانه وما إلى ذلك من آراء لا تعدو أنْ تكون سوى إحباط لجهود الآخرين وتقليل من قيمة محاولاتهم، ولكن الأمر-حقيقة- على غير ما قد يبدو، مبيناً أنه اتبع المنهج التفكيكي متخذاً من آراء وأفكار المفكّر والفيلسوف جاك دريدا في التّفكيك منطلقاً، ومن مفهوم ألخيرداس جوليان غريماس” الفواعل السّرديّة” متَّكَأً، فقد اعتمد التفكيك النقدي في دراسة نصوص مجموعة “أكسر الوقت وأمشي” للشاعر توفيق أحمد اختراقاً للسائد وخروجاً عن التقليد المملّ للقوالب والمدارس النقدية الجاهزة.
مدرّب فريق كورال “شيبلا” محمد عيد الذي شدّ تفاعل الجمهور بأغانٍ تراثية ممتعة، أشار إلى سعي الفريق لتكوين حالة ثقافية راقية تتكامل فنياً مع دار شيبلا للطباعة والنشر، ما يضفي الحيوية والنشاط على أي عمل فني، مؤكداً استمرار مشاركة الكورال في جميع نشاطات الدار الثقافية، لأن شيبلا ليست فقط دار نشر بل هي حركة ثقافية متنوعة، بما فيها الموسيقا، مبيناً أن الانتساب للكورال مفتوح لكل الأعمار وأن عدد الأعضاء 23 عضواً بدءاً من عمر الست سنوات بين مغنٍ وعازف، مشيراً إلى عزم الفريق تأسيس فرقة موسيقية متنوعة.
ليضيف علي النقري، مؤسّس كورال شيبلا، أن المشروع يهدف إلى إحياء التراث الثقافي السوري والمحافظة عليه من خلال هوية بصرية تراثية، لافتاً إلى أن المشروع مرتبط بتطبيق إلكتروني، يقدم شرحاً واضحاً عن نشاطاته وأهدافه وتوجهاته المستقبلية.