سلتنا الأنثوية تغيب عن أجواء المشاركات الخارجية والتراجع يضرب مفاصلها!
البعث الأسبوعية- عماد درويش
إذا كان تطور كرة السلة الأنثوية سيبدأ من القاعدة بخطوات سليمة ومدروسة وفق استراتيجية بعيدة المدى، فإن المعطيات الموجودة والخطوات التي خطاها اتحاد السلة في هذا الاتجاه ما زالت غير مطمئنة، بعد المستويات الهزيلة والفوارق الرقمية والطابقية التي ظهرت فيه أنديتنا هذا الموسم، والتي أكدت بالدليل القاطع أن سلتنا الأنثوية ما زالت بعيدة كل البعد عن مواكبة التطور الحاصل في مثيلاتها في البلدان المجاورة.
عدم الاهتمام
يبدو أن فجوة السلة الأنثوية آخذة بالاتساع أكثر نظراً لضعف الاهتمام بها من إدارات الأندية التي تهتم بسلة الرجال فقط دون غيرها من بقية الفئات مع استثناءات بسيطة لبعض الأندية، والمدهش حقاً أن كل الاجتماعات التي يجريها اتحاد السلة تتفق على أن المرحلة التي تمر بها سلتنا الأنثوية بالغة التعقيد ، ويخرجون بتوصيات ووعود لا تلبث أن تتلاشى، فإعادة بناء اللعبة لا يقف عند مشاركة في بطولة عربية أو قارية بل هي بحاجة لإعادة بناء من جديد على أرض صلبة ، ووضع روزنامة عمل طويلة ونظام دوري جديد ومتطور للفئات العمرية مع إمكانية فرض على إدارات الأندية المشاركة بدوري الصغيرات والناشئات والاهتمام بها، ولا يحق لأي نادٍ المشاركة بدوري السيدات إذا لم تتوفر لديه فرق هذه الفئات، مع عدم نسيان تعيين كوادر فنية عالية المستوى لهذه الفئات والعمل على تطوير مستواها.
مليار ليرة
هذه المقدمة جاءت بعد الغياب القسري لمنتخبنا الوطني للسيدات عن كافة المشاركات العربية والآسيوية، كما أن أنديتنا غابت قسرياً عن المشاركة في بطولة الأندية العربية التي تنطلق اليوم المغرب (بمشاركة تسعة أندية) وهي التي أثبتت جدارتها في المشاركات السابقة عبر نادي الثورة وقبله الساحل والوحدة، ليرسم غياب أنديتنا عن هذا المحفل العربي الكثير من التساؤلات.
كرة السلة الأنثوية تعاني من الإهمال من قبل الكثير من الأندية التي تعتبر أن مشاركتها بالدوري يأتي من باب تأدية الواجب، كما تواجه صعوبات تعيق مسيرة تطورها وتنعكس بشكل سلبي على مستوى اللاعبات مع غياب العديد من مقومات اللعبة بما في ذلك الصالات، والأهم عدم توفر السيولة المالية لمشاركة تلك الأندية في البطولات العربية، فعلى سبيل المثال المشاركة في بطولة الأندية الحالية كانت ستكلف نادي الثورة (بطل الدوري) أو حتى وصيفه الأهلي مليار ليرة ، وهو مبلغ كبير من الصعب على أنديتنا تأمينه في ظل الشح المالي الذي تعيشه أنديتنا خاصة والرياضة بشكل عام، الأمر الذي أحزن عشاق السلة الأنثوية التي رأت أن اتحاد السلة يتحمل جزء من هذا الغياب، سّيما وأنه صرف مبالغ مالية كبيرة على منتخبنا الوطني للرجال وعلى المجنسين ومستعيدي الجنسية الذين شاركوا في التصفيات الأولمبية الأخيرة في دمشق ولم يكونوا على مستوى الطموح، وتساءل الكثيرون لو أن اتحاد السلة صرف ربع ما تم صرفه على اللاعبين وقدم الدعم لناديي الثورة والأهلي لكان من الممكن أن يحقق الناديين نتائج مشرفة أفضل من منتخب الرجال.
هل فات الآوان؟
غياب أنديتنا عن المشاركة في البطولة العربية يقودنا إلى الاعتراف بتراجع مستوى الدوري الموسم الحالي لأسباب باتت معروفة للجميع، فالغياب لا يصّب في مصلحة منتخبنا الوطني للسيدات والناشئات، فالمشاركة كانت محطة مهمة كون الناديين يضمان نخبة من لاعبات منتخبنا الوطني للسيدات والناشئات.
لا شك أنه على المستوى الآسيوي الذي وصلت إليه سلتنا الأنثوية في السنوات الأخيرة، والتي أكدت أن العمل على فئة الناشئات للمستقبل هو الحل الأمثل للعبة، حيث حافظن على بقاء سلتنا الأنثوية في بطولة آسيا بالمستوى الأول، لكن من جهته أخرى يجب الحفاظ والتركيز على اللاعبات اللواتي تم تخريجهم وتصعيدها لمنتخبنا الوطني للسيدات مع العلم بأننا نمتلك جيلاً يستطيع الصعود للمستوى A على صعيد القارة، ولدينا وفرة على جميع المراكز عكس منتخبات المنطقة الأخرى والمنتخبات الشرق الآسيوية، وضعف المواهب في فئة الرجال على صعيد الأندية قابله بروز العديد من المواهب المبشرة في فئة السيدات، فهل فات الآوان لسلتنا الأنثوية لتقديم الدعم لها؟
منتخبنا للسيدات غاب عن المشاركة في بطولة آسيا المستوى الثاني الذي اختتمت منافساته مؤخراً، فلو أمن له المشاركة في البطولة وتلقى الدعم (مالياً) مثل الدعم الذي تلقاه منتخب الرجال، لربما نجح في التأهل للمستوى الأول خاصة وأن منتخبنا سبق له الفوز على أغلب المنتخبات التي شاركت بالبطولة.
تهميش غريب
الكثير من النقاد والمتابعين اعتبروا غياب سلتنا عن البطولة العربية ضعفاً من قبل القائمين على اللعبة في ظل الخلافات مع بعض الأندية التي لم توافق خلال المؤتمر السنوي على احتراف دوري السيدات، فرأى القائمون أن الحل يتمثل “بتهميش” كرة السلة الأنثوية لأسباب عدة، وقد يكون للأندية عذرها في عدم المشاركة كونها تكلف أموالاً طائلة.
كل المعنيين عن كرة السلة الأنثوية يساهمون في تراجعها، فكل دول العالم عندما ترى قطاع معين ناجح تقوم بدعمه لأبعد حد إلا في رياضتنا، حتى على مستوى الدوري فلم يكن الوضع جيد وغاب (انسحب) ناديين عن الدور النهائي الناشئات كون المشاركة، وهذا مرده لسوء التخطيط والروزنامة.