عجلة الصناعة تدور في حلقات التشخيص بعيداً عن ساحات التنفيذ.. والتمسك بالقطاع العام أولوية عمالية وخط احمر
دمشق – بشير فرزان
مرحلة التشخيص الطويلة التي يدور في حلقاتها القطاع الصناعي بات من الضروري تجاوزها في أقرب وقت فالجميع يعرف تماماً أن القطاع الصناعي يعاني من عدة صعوبات تخص بعض مقومات الصناعة منها البشرية والمالية والخدمية لذلك يجب التركيز على تذليل هذه الصعوبات وفق الأولوياتوالإمكانات المتاحة لان الأزمة ضاعفت من أوجاع الصناعة وأثخنت بجراحها.
طلال عليوي امين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال أشار إلى أن إعادة تأهيل المناطق الصناعية وتطويرها يدعم اقتصاد البلاد ويعمل على امتصاص البطالة من خلال الاستعانة بالشباب السوري للعمل فيها والتمسك بالقطاع العام ليبقى القائد لقاطرة النمو وحل المشكلات التي تقف أمام ما تبقى من مؤسساته وتحول دون تحقيق إنتاجها بالطاقة المرجوة وذلك من خلال تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية بأسعار مناسبة من مواد أولية وقطع تبديلية لازمة لصيانة خطوط الإنتاج والحد من ارتفاع أسعار المحروقات لأنه يؤثر في كلفة المنتج والحد من انقطاع التيار الكهربائي لأنه ينعكس سلباً على تشغيل الخطوط الإنتاجية بالشكل الأمثل.
وحدد عليويالصعوبات والمشاكل في مؤسسات القطاع العام وفي مقدمتها نقص الأيدي العاملة والخبيرة في معظم مؤسسات القطاع العام بفعل الهجرة القسرية بسبب تدني الأجور وتسرب اليد العاملة من مؤسسات القطاع العام – خاصة الخبيرة منها– إلى مؤسسات القطاع الخاص و قلة وسائل النقل وقدم الآلات والتجهيزات في المصانع وندرة القطع التبديلية
ولمعالجة هذا الواقع قدم عليوي رؤية الاتحاد لحل هذه المشكلات من خلال إدارة العملية الإنتاجية من قبل مجلس وزاري مختص يتمتع بالصلاحيات اللازمة بموجب تشريع خاص بإعادة الهيكلة إن لزم الأمر و الاستفادة من القيمة السوقية لمواقع الشركات الصناعية المتوقفة أو المتعثرة وذلك بتأسيس مشاريع جديدة حكومية في حال توفر الإمكانيات لذلك أو المشاركة مع القطاع الخاص والعمل على إنشاء نظام للدعم الصناعي يرتبط بالجامعات ومؤسسات البحث العلمي و توحيد الإطار القانوني الناظم لعمل كافة الشركات الصناعية وذلك بهدف توفير بيئة مناسبة للمنافسة بين الشركات المنتجة العامة والخاصة والنهوض بالقطاع الزراعي في سورية لإعادة تحقيق الأمن الغذائي من جديد، العمل على وضع استراتيجية طويلة الأمد بخطة تنموية مدروسة بشكل تفصيلي، إضافة إلى خلق القدرة التنافسية لهذا القطاع والتنوع في الإنتاج وبالنوعية الجيدة والمعدة للاستهلاك المحلي أو للتصدير ضمن المواصفات القياسية العالمية وتشغيل الخطوط الإنتاجية بالشكل الأمثل.
قطاعات متكاملة
الدكتور حسان محمد “الخبير الاقتصادي”يرى ضرورة التركيز على الزراعة والصناعات المرتبطة بها بعد ان اثبت القطاع الزراعي قدرته على المنافسة نظرا لارتفاع مستوى الجودة وانخفاض الاسعار حيث تعد الزراعة في سورية هي القاطرة التي ستجر عجلة الصناعة اولا والاقتصاد ثانيا لان بلدنا بلد زراعي بامتياز وعليه يجب البدة بدعم وترميم القطاع الزراعي الذي يعتبر الاساس المهم للصناعة المحلية اولا .
بالإضافة الى ذلك برأي محمد يجب دعم المشروعات والصناعات المتوسطة والصغيرة لأنها بمثابة العمود الفقري للتنمية الاقتصادية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وذلك لأهميتها الكبرى في زيادة القيمة المضافة للصناعة الوطنية وتحسين معدل الانتاج ودعم الصناعة الوطنية في ظل تزايد تكاليف الانتاج والتشغيل والنقل وتشجيع الايدي العاملة لدعم المنتج المصنع محليا من اجل زيادة توسع القطاع الصناعي بحيث ان زيادة اعتماد الاقتصاد الوطني على الصناعة المحلية يحد من الفقر والبطالة ويرفد خزينة الدولة بالأموال.
خارطة طريق
من جهته هشام القادري “صناعي ” يرى أن الصناعي السوري الذي لملم جراحه ودمار وخراب مصنعه ويعمل في الدكاكين والبيوت بما قد تبقى من مصنعه أو ما استطاع انقاذه منه وبدأ يتكيف شيئاً فشيئاً مع ظروف الأزمة على أمل الانفراج القريب ، هو الجانب المهم في هذه العملية وبشكل خاص في مسألة توفير التمويل اللازم سواء لإعادة تأهيل مصنعه وشراء الآلات والتجهيزات التي توفر الحد الأدنى لبدء التشغيل أو في توفير السيولة اللازمة لرأسماله العامل . وهذا يتطلب جهوداً كبيرة في ابتكار الأدوات التي تمكنه من ذلك خاصة في ظل ضعف امكانيات الحكومة في توفير التمويل المطلوب في هذا المجال وهناك عدة مقترحات في هذا المجال يمكن للصناعي أن يتحرك ضمنها على التوازي مع ما يمكن تحصيله من تعويض أو تسهيلات حكومية مثل مشاركة الأهل والأصدقاء وبحث امكانية تسديد قيمة الآلات بنسبة من الانتاج أو في تحويل شكل الملكية… . إلا أن هناك مسألة هامة جداً يجب ألا تغيب عن الصناعي السوري خاصة في ظل انفتاح الأسواق وهي أن دعم الصناعة الوطنية يجب أن يترافق بالتزامه بموضوع الجودة والسعر المناسب وتسهيلات الشراء وخدمة ما بعد البيع لإعادة الثقة بالمنتج الوطني وتعزيزها وبالدور الاجتماعي للصناعيين تجسيداً لتحقيق التوازن المطلوب بين حقوق الصناعي وواجباته ، وهذه أمور كانت نخبة متميزة من الصناعيين السوريين تقوم بها ونأمل أن تنتقل عدواها إلى شرائح أوسع منهم.
هيكلة الصناعة
أماالخبير الاقتصادي الدكتور محمود عبدوفيؤكد أنه للخروج من المأزق الذي تمر به الصناعة الوطنية وأفساح المجال أمامها لانطلاقة تنموية واعدة، علينا إعادة هيكلة الصناعة على أساس التكامل والتعاون بين القطاعين العام والخاص بحيث يتولى القطاع العام، في حدود إمكاناته، القيام بتنفيذ المشروعات الكبيرة التي يحجم القطاع الخاص عن إقامتها سواء لعدم قدرته المالية أم لعدم رغبته في المخاطرة. وتترك الحرية كاملة للقطاع الخاص للاستثمار حيث يرى مصلحته.
التراجع وبسرعة عن إعلان وقف توسيع القطاع العام أفقياً و معالجة أوضاع القطاع العام من دون أي تردّد بإخضاع إدارته للمعايير الاقتصادية والبدء بإجراء دراسة تحليل اقتصادي لعمل كل من مؤسساته من أجل تقرير نوع العلاج اللازم و ودمج مجموعة منشآت متكاملة النشاط في شركة واحدة. وتصفية المنشآت التي ثبت عدم جدوى إعادة هيكلتها ومعالجة أوضاع العاملين فيها و تحرير مؤسسات القطاع العام من الأعباء الاجتماعية التي كبلناها بها لأكثر من أربعين عاماً فلا يجوز تحميل مؤسسات القطاع العام مسؤولية حل مسألة البطالة على حسابها