“فيا آراب” تختتم فعّالياتها .. انطلاقة جديدة لانتهاج سياسات تستند إلى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية
دمشق – سانا
اختتم المؤتمر الاستثنائي الخمسون لاتحاد المؤسسات العربية في دول أمريكا اللاتينية “فيا آراب” فعالياته بقاعة رضا سعيد بجامعة دمشق.
معاون وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أيمن سوسان بين في كلمة خلال الجلسة الختامية أن هذا المؤتمر شكل أسساً لانطلاقة جديدة تعزز عمل ومسيرة “فيا آراب”، لتستطيع النهوض بمسؤولياتها كصوتٍ واحد يدافع عن قضايا الأمة العربية في بلاد المغترب، وخلق رأي عام مناصر لهذه القضايا يمهّد لانتهاج سياسات تستند إلى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والابتعاد عن منطق الوصاية والهيمنة والإجراءات أحادية الجانب اللا مشروعة التي تنعكس سلباً على الآخرين وتفسد أجواء العلاقات الدولية.
وأكد سوسان أن “فيا آراب” أثبتت على مدار خمسين عاماً من العمل والنشاط في بلدان الاغتراب في أمريكا اللاتينية قدرة فائقة على الترويج للقضايا العربية، مضيفاً: إنه في عصر التحولات الدولية مطالبون بالمزيد حتى لا تكون على حسابنا ولتؤدي إلى إحقاق العدل والديمقراطية في العلاقات الدولية ولتنعم كل الشعوب بالسلم والرفاه.
وقال سوسان: “اطلعتم خلال هذا المؤتمر على الواقع السياسي والاقتصادي والسياحي في سورية، ووقفتم على آثار وتداعيات الحرب الظالمة التي تعرّضت لها بلادنا والتضحيات التي قدمها جيشنا وشعبنا دفاعاً عن سيادة واستقلال وكرامة سورية وعن المصالح العليا للأمة العربية”، لافتاً إلى أن المستهدف هو فكرة العروبة بذاتها وضرب الانتماء للأمة العربية والقواسم والروابط المشتركة بين أبنائها.
وأضاف سوسان: “خرجت سورية من هذا التحدّي أكثر صلابة وهي مستمرة في التمسك بمواقفها من أجل الدفاع عن المصالح العربية ومن أجل عزة ورفع شأن وكرامة الأمة العربية لأنها قضية انتماء وهوية”.
وأكد المؤتمر في البيان الختامي أن الاتحاد حقق خلال الخمسين عاماً الماضية أهدافه في تجميع المهاجرين العرب في أمريكا اللاتينية وكان صوت الدفاع عن القضايا النبيلة والمحقة والعادلة.
وأشار البيان الذي تلاه رئيس “فيا آراب” جورج علم إلى أهمية المساهمة في إحياء العادات والتقاليد العربية في المجتمعات التي يعيشون فيها ووضع كل المهنيين والاختصاصيين في خدمة إعادة إعمار سورية.
ودعا البيان إلى ضرورة الاعتماد على القوانين والحقوق الدولية لتحقيق السلام وحل عادل وعقلاني لجميع المشاكل، وإدانة كل الاعتداءات ضدّ سورية والعراق ولبنان وليبيا وفلسطين.
وطالب البيان بضرورة احترام حق تقرير مصير الشعوب، وتطبيق القوانين الدولية المعتمدة في منظمة الأمم المتحدة، ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، إضافة الى حق العودة لكل الفلسطينيين.
ولفت البيان إلى ضرورة رفع الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على الشعوب في سورية وكوبا وفنزويلا، والضغط على الأمم المتحدة في هذا الإطار.
وختم البيان بالدعوة إلى احترام حقوق الإنسان، والتخلي عن استخدام العنف والحصار وسرقة الموارد الطبيعية، والمحافظة على البيئة مؤكداً أن “فيا آراب” ستتابع اتفاقها لتحقيق هذه الأهداف.
وفي وقتٍ سابق تابع المؤتمر فعالياته لليوم الثالث، بالتركيز على محور أهداف الهوية والانتماء.
وفي كلمة لها، أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أنه ورغم ما تعرّضت له البلاد من حرب إرهابية على مدى اثني عشر عاماً حاولت استهداف أصالة الهوية السورية، ورغم ما أصاب عناصر التراث الثقافي المادي واللامادي من ضرّر وتخريب متعمّد وسرقة وتهريب، إضافةً للحصار الخانق، ومؤخراً كارثة الزلزال، إلا أن ذلك لم يزد الشعب السوري إلا إيماناً وعزماً على التمسّك بهويته وانتمائه.
وتابعت وزيرة الثقافة: عملنا جميعاً برعاية كريمة من الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد لحماية التراث وصونه توثيقاً وترميماً وتأهيلاً واسترداداً للمسروق والمهرّب منه.
وبينت الوزيرة مشوح أهمية الانتقال لمرحلة بناء الفكر والإنسان والنظر بعمق في مسألة الهوية الوطنية وتعريفها وتحديد مكوناتها، ولا سيما أن الحروب والأزمات تعصف بالشعوب، وتفعل فعلها في العقول والنفوس.
وأوضحت الوزيرة مشوح أن العرب بشكل عام، والسوريون بشكل خاص، يمتلكون خصوصية تاريخية وحضارية وثقافية، إضافة لمنظومة عامة من القيم والعادات تميز سورية عن غيرها، وتعتبر المحدد الأول والأعمق للهوية الثقافية.
وعن الهوية الوطنية اعتبرت الوزيرة مشوح أنها القاسم المشترك الأعظم لمختلف الهويات الثقافية المتشكلة ضمن الدولة وأنها أساس قيامها، ويتجلى الشعور بالهوية الوطنية انطلاقاً من حب الوطن والانتماء إليه واستشعار فضله، ثم بالولاء وتغليب مصلحته في كل الظروف، وذلك انطلاقاً من القناعة بأن المصلحة التي تربط أفراده مصلحة مشتركة والمصير واحد.
وأشارت الوزيرة مشوح إلى المسلمات التي ترتكز عليها الهوية الوطنية وهي أن لكل جماعة في الوطن الواحد هويتها الثقافية التي تختلف بالتعبير عن خصوصيتها ضمن إطار الثقافة الوطنية الجامعة.
وأشار الدكتور محمد تركو نائب رئيس جامعة دمشق للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في كلمته إلى أن جامعة دمشق عملت منذ تأسيسها على تمكين مخرجاتها من حيث قواعد المواطنة، وشرف المسؤولية، وترسيخ ثقافة حبّ الوطن، وتأهيل الكوادر الأكاديمية والقيادية، بحيث يشكل مثقفو الوطن الصف الأول في الدفاع عنه في الداخل والخارج.
ولفت تركو إلى أن قيام المؤتمر الخمسين لـ”فيا آراب” على مدرج جامعة دمشق يعد تعبيراً عن التضامن مع سورية، في وجه ما تتعرّض له من إرهاب وعقوبات اقتصادية ظالمة تزيد من معاناة الشعب السوري.
بدورها لفتت يايمي بروبيير من “فيا آراب” كوبا إلى دور الجاليات العربية في تعزيز الانتماء للوطن لأنه من مقومات القوى الثقافية ومصدر من مصادر المقاومة في وجه الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” اللتين تسرقان ثرواتنا وتحاولان طمس الهوية الثقافية لشعوبنا، وفرض أنماط جديدة لا تنتمي الى مجتمعاتنا، وتشويه التاريخ والثقافة بالاعتماد على وسائل الإعلام العالمية.
ودعت بروبيير إلى تفعيل صفحات التواصل الاجتماعي، لإقامة دورات لتعلم اللغة العربية والتعريف بالتراث والتبادل الأكاديمي، من خلال تبادل المنح الدراسية والدورات والدراسات الجامعية والتوسع في تفعيل العمل العربي.
وفي كلمة مماثلة بين السفير الكوبي بدمشق لويس ماريانو فرنانديس رودريغيس أن “فيا آراب” يجسّد علاقات التعاون والتضامن والأخوة بين شعوب الدول التي فرضت عليها عقوبات، وتقوم شعوبها بالدفاع عن القضايا العادلة ومنها قضية الشعب الفلسطيني، مبيناً أن كوبا ستكون دائماً إلى جانب هذه الشعوب، ومنوهاً بالعلاقات القوية بين سورية وكوبا.