التوصيف الخاطئ لما يسمى وباء الانقلاب
تقرير إخباري
بدأ الزعماء الأفارقة، الذين يشغلون مناصبهم لمدة 20 أو 30 أو 40 عاماً بعد انتخابات مشكوك فيها، الاستعداد لمواجهة عاصفة عاتية، إذ يبدو أنه من غير المرجح أن تستمر قبضتهم على السلطة والاستمرار في استنزاف ثروات البلاد دون منازع لفترة طويلة . لم يحظ ما يسمى بـ “عودة الانقلابات” إلا بالقليل من التحليل النقدي، حيث قوبل على العكس من ذلك بهجمة إدانة أحادية التفكير من قبل الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي . لم يتم الإشارة إلى الانتخابات في الغابون التي جرت تحت جنح الظلام بعد أيام من قطع الإنترنت وحظر التجول وإغلاق الحدود. والآن شوهدت صور المواطنين في الغابون وهم يرفضون بقوة الانتخابات المسروقة التي تم التلاعب بها بتواطؤ مسؤولين يدينون بالفضل لعائلة بونغو، ومن خلال الإشارة بأصابع الاتهام بقوة، بل وحتى التهديد بشن هجوم عسكري من قبل مؤسسات أفريقية محترمة.
وكانت هذه المحاولة الانقلابية الثالثة في تاريخ الغابون والأولى التي تنجح، وتشير الأدلة إلى أن صناع الملوك في الاتحاد الأفريقي لم يولوا اهتماماً كبيراً للأسباب الكامنة وراء هذه الأحداث، باستثناء وصف هذه الانتفاضات الشعبية بأنها مرضية، كما يشير تشيدي أنسيلم أودينكالو، الأستاذ في مدرسة فليتشر بجامعة تافتس في ماساتشوستس والرئيس الحالي لمنظمة الحقيقة والعدالة ولجنة السلام في جنوب شرق نيجيريا.
يستشهد أودينكالو بثلاثة افتراضات والتي تكمن وراء التوصيف الخاطئ لما يسمى بالوباء: الأول هو أن جميع عمليات الاستيلاء العسكري متشابهة. وعرض كمثال على ذلك، الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في نيسان 2019، في أعقاب انتفاضة شعبية جعلت البلاد غير قابلة للحكم في ظل حكمه، واستغل الجيش الفراغ السياسي الناتج للاستيلاء على السلطة.
والثاني هو أن الانقلابات لا ينفذها إلا العسكر، وهو يقدم رئيس غينيا السابق الذي استلم الحكم لولايات محدودة المدة، ألفا كوندي، الذي احتاج إلى انقلاب مدني لتحويله إلى رئيس مدى الحياة. وفي عام 2020، نظم استفتاءً قُتل فيه العشرات وكانت نتيجته محددة مسبقاً وهي تغيير الدستور كي يظل في الحكم . شاهد المجتمع الدولي الكثير من هذا في صمت متواطئ، لكنه وجد صوته بعد أن أطاح الجيش بكوندي في أيلول 2021. الافتراض الثالث، الذي استشهد به أودينكالو، هو أن كل حكومة مدنية أطاح بها الجيش هي حكومة شرعية وديمقراطية. وتوضح الغابون كيف يؤدي هذا الموقف إلى تشويه سمعة الديمقراطية. ويخلص أودينكالو إلى أن الرد الدولي الذي يجبر مواطني البلدان الأفريقية على الاختيار بين فئات الخاطفين السياسيين الخطرين هو ما يجب تغييره حقاً.
عناية ناصر