ثقافةصحيفة البعث

“حبّ أونلاين” وقراءات لثلاثة أجيال

نجوى صليبه

اختار أعضاء نادي “الأدب والثّقافة”، في جلسته الأخيرة -المركز الثّقافي في “أبو رمانة”- رواية “حب أونلاين” لـ إنعام ديوب موضوعاً للقراءة والنّقد والنّقاش، وذلك بناءً على اقتراح ضيف الجلسة الصّحفي والأديب مفيد خنسة، وتبدأ أحداثها بدخول البطلة إلى الكويت أوّل مرّة، وبسبب انشغال والديها تبقى وحيدة، ما يفرض عليها التّواصل مع شاب عبر الإنترنت، فتنشأ بينهما علاقة حبّ “أونلاين” وتساعد الظّروف على نجاحها.

وبسبب وضعه الصّحي الطّارئ، لم يتمكّن الأديب من تقديم قراءة أو دراسة تحليلية عميقة كالتي عوّدنا عليها في ندوات سابقة، يقول: “قرأت قرابة العشرين صفحةً، لقد أسرني العنوان أو غشّني، فظاهر الغلاف أو العنوان يوحيان بأنّنا أمام رواية عاطفية بحتة تواكب موجة الرّواية التي ظهرت في مطلع هذا القرن، لكن عندما ولجت إلى أعماقها وجدت أنّني أمام كتابة غائية سعت الكاتبة بكلّ طاقتها باللغة والأفكار إلى أن تكون صاحبة غاية ورسالة، ومع العلم أنّي لا أعرف شيئاً عنها لأنّي مع المذهب القائل بقراءة النّص من دون إسقاطات على حياة كاتبه وواقعه، لأنّ هذا يقتل النّصّ الأدبي ويصل إلى السّذاجة أحياناً، مضيفاً: “تعتمد الكاتبة لغة سهلةً وبعيدةً عن الاستعارات من دون إضعاف الأدبية، لذا يمكننا أن نصف الرّواية بالسّهل الممتنع، وتبث طاقة إيجابية وتقدّم رسالةً اجتماعية وتدقق في الاختلافات القائمة داخل المجتمع الواحد والمجتمعات في البلد الواحد، لكي تبحث عن إذابة الاختلافات إضافة إلى قضية مهمة وهي العلاقات العاطفية التي تقوم عبر وسائل التّواصل الاجتماعي وحالات التّشظي النّفسي التي تصيب الأطراف التي تخوض هذه المغامرة، منوّهاً بأنّ عمل الأديبة يفرض نفسه على أدبه، فمثلاً نقرأ في كتابات المحامي الأديب قصصاً لا تخطر على بال من لا يعمل في المحاماة، وفي هذه الرّواية يظهر عمل الأديبة، فبدل أن تكون رواية حزن وانكسار عاطفي هي رواية للرّاحة النّفسية والطّاقة الإيجابية”.

الطّفلة جنى أبو فخر قرأت جزءاً من الرّواية أيضاً، تقول: “أحببت كثيراً وصف بطلة العمل ليومها الأوّل في الكويت، وسأتحدث عن تأثير العالم الافتراضي علينا نحن الأطفال، إذ هناك أطفال لا يعرفون شيئاً عن الكتاب وسحره وتأثيره الإيجابي في حياتنا اليومية، فقط يقلدّون ما يشاهدون في الإنترنت، وأنا أرى أن الطّفل الذي لا يقرأ يصبح مخّه مسطّحاً، لذا أقول إنّه كلّما قرأ طفل قصّة يجري نهر ويغرّد عصفور”.

وأمّا الطّفل حسن ربيع، فقدّم قراءة نقديّة أشبه بما يقدّمه النّقاد الكبار، نقتبس منها: “ليس في الرّواية أحداث كثيرة مشوّقة، بل فيها أحداث متشابكة حتّى تكاد تفقد المغزى الرّئيس منها، لكن الكاتبة تعود وتلملم أفكارها أو جمع ما تبقى منها ليعود المغزى الرّئيس إليها”، مضيفاً: “أعجبني في الرّواية كمية الحبّ التي بدأت فيها، وأحزنني الحزن الكبير الذي تعرّضت له نعمى بسبب وفاة والدتها بمرض سرطان الرّحم”.

الأديب والصّحفي مفيد خنسة وقبيل تقديم رأيه في الرّواية، نصح الطّفلين جنى وحسن بضرورة أن يعيشا طفولتهما كما هي، مبيّناً: “الطّفل في سنّ جنى وربيع يجب أن يعيش حياته وهي حياة الطّفولة، أي أن يلعب ويمرح، وليس مطلوباً منه أن يتحدّث عن رواية كهذه الرّواية لأنّ الحديث عنها يحتاج إلى متخصصين لا إلى طفل يحفظ أشياء ليقولها أمام الآخرين حتّى نقول عنه طفلاً مميزاً.. أنتما مميزان على الرّغم من كلّ شيء”.

رأي توقّفت عنده والدة جنى، وأوضحت: “ابنتي تعيش حياتها الطّبيعة، والوقت الذي تقرأ فيه طفل آخر يقضيه على الحاسوب الشّخصي، ونحن حريصون على قراءة أي كتاب قبل أن يصل إليها، لذلك جنى قرأت من هذه الرّواية فقط الفصل المناسب لعمرها”.

ويعود خنسة إلى الرّواية ويقول: “إنّها الرّواية الأولى لـ إنعام ديوب وهي من الرّوايات المميزة ورشحت لجوائز عربيّة عدّة أتمنى أن تحصل على إحداها، إنّها متّسعة من حيث المكان والأحداث التي تبدأ من باريس إلى الكويت، وشخصياتها متنوّعة، وفيها أحداث مفاجئة، أيضاً هي رواية متشعبة الخطوط ومتداخلة، وتريد قول إنّ العالم الافتراضي أصبح موازياً لحياتنا الحقيقية سواء أقبلنا بذلك أم لم نقبل، لكن السّؤال هو: هل يمكن أن ينتصر الافتراضي على الواقعي والاحتمالي على ما هو واقعي؟ هل تنتصر الواقعية أم الواقع؟.

وبسؤال أحد الحضور عن نقطة ضعف الرّواية، يجيب خنسة: “الضّعف في البنية  الرّوائية، فالرّوائية اعتمدت على السّرد والرّوي من دون الاعتماد على التّفاعل بين الأحداث وبناء الشّخصيات أو تطوّرها، مضيفاً: “اقترحت الرّواية وظنّي بانتظار الرّوائية مستقبل زاهر”.

وفي رسالتها الصّوتية التي أرسلتها بواسطة الإنترنت، عبّرت الرّوائية إنعام ديوب عن فرحها وأسفها لعدم تمكّنها من الوجود في سورية حالياً بسبب الظّروف، مبينةً: “صدرت الرّواية عن “الدّار العربية للعلوم” في الكويت، وتتحدث عن الحياة الافتراضية التي يعيشها معظم النّاس في كلّ أنحاء العالم.. لقد أصبح التّواصل “أونلاين” هو سيّد الوسائل على جميع المستويات والمجالات، وهي رواية عاطفية اجتماعية، وقصّة حبّ مشوّقة لا تشبه غيرها، إذ امتدت على مدى عشر سنوات، ولأنّه يقال من المحتمل أن نتذكّر الحقيقة أكثر بـ22 مرّة إذا غلفت بقصّة طرحت الموضوع على هيئة قصّة”.