“السوشال ميديا”.. ترويج ممنهج لأطعمة وأنظمة غذائية غير صحية واستغلال بشع للطفولة!
دمشق – حياة عيسى
لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار كبير للعديد من الفيديوهات والتحديات في مجال الطعام، والتي تشكل خطراً كبيراً على مجتمعاتنا، ولاسيما “عالم الأطفال” غير المدرك لمخاطر تلك الأطعمة التي لا تخلو من الدهون المرتفعة والتي من شأنها أن تؤثر عليهم وعلى نموهم بطريقة سلبية، وقد تؤدي في العديد من الحالات لفقدان الحياة، علماً أن ما بتنا نشاهده ويروّج له في عالم اليوتيوبرات بعيد كلّ البعد عن نظامنا الغذائي الصحي، وفق ما أكدته الخبيرة الاجتماعية الدكتورة رشا شعبان التي بيّنت أن تلك الظاهرة تعمل على تسطيح العقول والاستهتار بالذهنية من خلال تلك الفيديوهات التي تتناول مواضيع الأكل غير المفيدة وطريقة الأكل غير الحضارية والتي هي أبعد ما يمكن عن آداب الطعام، كما تعتبر ظاهرة التنافس في تناول الطعام من أخطر الظواهر التي من شأنها أن تهدّد الحياة، ولاسيما عند الوصول إلى حالة التخمة التي تؤدي إلى طمس العقل وعطالته، وأشارت إلى أنه في حال التدقيق والتفكير في محتوى الكثير من الفيديوهات وصنّاع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي نصل إلى نتيجة مهمّة، وهي أن ما يغلب على تلك المحتويات وجود الأطعمة الضارة والمحتوى التافه لبعض الأسر والألبسة والموضة وكشف الفضائح والمشكلات العائلية.
وأكدت شعبان أن ما يتمّ تداوله في تلك المنصات هي رسائل موجّهة لطمس التفكير وتسطيح العقل وهدفها الأساسي الحصول على الكثير من المتابعات والإعجابات، وبمعنى أدقّ يمكن القول إن هناك مفهوماً خاطئاً يتجلّى في مسار الحداثة وتطوير الحياة الاستهلاكية وفتح الباب على مصراعيه أمام التخلف والتسطح في الثقافة، وهذا مؤشر إلى مستقبل غير مشرق وبعيد عن الإيجابية، وهنا نكون أمام مواجهة جيل لا يمكن أن ننتظر منه بناء مستقبل، ولاسيما أنهم نتاج محتوى فارغ ومدمّر للمجتمع.
ومن الناحية الطبية، أكدت اختصاصية التغذية الدكتورة نور أورفلي أنه مع انتشار مقاطع غريبة في محتواها لتحديات الأكل ومسابقات تناول كميات كبيرة من تلك الأطعمة مقابل جوائز لتناول تلك الأكلات الغريبة، كالأكل المنتهي الصلاحية أو الأكل الحار فهي بحدّ ذاتها تشكل خطراً كبيراً، وخاصة على شريحة الأطفال والتي من شأنها أن تؤدي إلى دخولهم المشفى بحالات خطرة أو أن تصل تلك الشريحة لإنهاء الحياة، لذلك يجب مراقبة ما يتمّ مشاهدته على وسائل التواصل الاجتماعي للحدّ من تقليد تلك الفئة للتحديات لحمايتهم من خطر المشاهدة.
وتابعت أورفلي أن السوشال ميديا سلاح ذو حدين، ولاسيما بوجود فيديوهات من شأنها أن تعلم الطبخ والتعرف على الأكلات الصحية، بالمقابل هناك وصفات مؤذية ولاسيما تلك المنتهية الصلاحية ووضعها في وصفات الأكل بهدف زيادة المتابعة والشهرة، وهي التي من شأنها أن تشكل خطراً كبيراً على من يقدم الخدمة وعلى من يشاهد تقليد تلك المسابقات، ولاسيما عند الأطفال لأن منعكس البلع عندهم غير مكتمل، فالسرعة تحت الضغط بهدف الفوز تؤدي إلى الاختناق، كما تعرّضهم للبدانة كون أغلب التحديات تحتوي في مضمونها على السكريات والطعام الممتلئ بالدهون والأكلات السريعة وتناولها على المدى الطويل يؤدي إلى مشكلات جمّة لا تقتصر على البدانة بل تؤدي إلى مشكلات في القلب والشرايين والحالة النفسية.
لذلك، حسب أورفلي، لا بدّ من الاهتمام بتنمية مواهب الأطفال وتوجيههم نحو ممارسة الرياضة والحياة الصحيحة وتناول الطعام الصحي، بالتزامن مع توجيه نصائح لليوتيوبرات بتقديم محتويات مفيدة وهادفة.