صحيفة البعثمحليات

مكاتب صحفية “دليفري”

معن الغادري 

كثُر مؤخراً الحديث عن أهمية دور الإعلام بمختلف وسائله، بوصفه جزءاً مهماً في خريطة العمل المؤسساتي، وداعماً ورافعاً لعملية التنمية، وبالتالي كان ضرورياً ومنطقياً إدراج دور الإعلام ضمن الأجندة التي وضعتها الإدارة المحلية مؤخراً في حوارها المفتوح، والذي أطلقته مؤخراً حول التشاركية والمسؤولية المجتمعية في تمكين وتطوير عمل المجالس المحلية.

ونرى أن تصحيح هذا المفهوم، وإن لم تظهر نتائجه الإيجابية حتى الآن، يجب ألا يقتصر على منظومة عمل الإدارة المحلية وحسب، بل من المفترض أن يكون أكثر شمولية وتوسعاً ضمن مشروع النهوض الحقيقي، وفي مختلف جبهات وميادين العمل، وخاصة تلك التي هي على صلة مباشرة مع طبيعة عمل المجالس المحلية والوحدات الإدارية، ونذكر منها على سبيل المثال القطاع السياحي، والذي يشهد هو الآخر حركة نشطة على مستوى مشاركة الشباب واليافعين في فعاليات “ملتقى الشباب السوري للسياحة 2023″، والمقرّر أن يختتم أعماله نهاية الأسبوع الحالي في محافظة دمشق بعد حماة وحمص وحلب وطرطوس.

وعلى الرغم من أهمية هذه التجربة الأولى من نوعها، والتي تهدف – حسب البيان التعريفي للملتقى – إلى ترسيخ ثقافة جديدة تعطي بعداً سياحياً بلغة حضارية ومتطورة، وبعيون شباب مستعدّ للمستقبل وقادر على التنمية والتميز برؤية ما وراء الأماكن، واستشفاف ما وراء السياحة التقليدية، كان لافتاً تعاطي وزارة السياحة (المنظمة للملتقى) مع مختلف وسائل الإعلام، والطلب منها، عبر كتب رسمية، نشر ما يصدر عن المكتب الصحفي للوزارة حول فعاليات الملتقى، دون الحاجة لحضور مراسليها ومندوبيها؛ والأكثر غرابة قيام منظمي الملتقى بمنع الإعلاميين والمصوّرين من تغطية فعاليات الملتقى في محطته الثانية بحلب، ما أثار الكثير من التساؤلات وإشارات الاستفهام حول هذا الإجراء غير المفهوم في إبعاد الإعلام عن تغطية مثل هذا الحدث النوعي، وإبرازه، وإظهار وجهه الحضاري الجديد؟

والسؤال الأهم هو: ما جدوى إخبار المؤسّسات الإعلامية بإطلاق فعاليات المؤتمر ومنعها من الحضور؟ وهل الأمر برأي المنظمين يستدعي كلّ هذا التكتّم والسرية بحجب ما يتمّ مناقشته لإبرازه إعلامياً؟!

أما الأكثر غرابة فهو في الفهم المغلوط الذي ما زال سائداً لدور الإعلام، وطبيعة وآلية تخاطب المكاتب الصحفية مع المؤسسات الإعلامية، إذ لم يعد مقبولاً أن تتحوّل هذه المكاتب إلى “ساعي بريد”، وبمعنى آخر “أكثر حداثة”، إلى “دليفري”، وعلى طلبها ومقاس إداراتها في تعاملاتها مع المؤسّسات الإعلامية، بل يجب أن تكون العلاقة أكثر مرونة وإيجابية وفعالية وبشفافية مطلقة، والأهم أن يثق الجميع بأن الإعلام الوطني، بشقيه العام والخاص، لن يكون إلا الدعامة الأقوى في عملية التنمية والنهوض، فهل وصلت ا‎لرسالة؟!