ملتقى دوحة الأميمة للشعراء يقيم جلسة نقدية حوارية
طرطوس _ دارين حسن
بهدف عودة حالة النقد البناء للشعر وتصويب ما يمكن تصويبه، أقام ملتقى دوحة الأميمة للشعراء اليوم الجلسة النقدية الحوارية، برعاية اللجنة الثقافية في المحافظة ووفاء لذكرى المؤسسة الراحلة أميمة إسبر، وذلك في مبنى المحافظة.
القصيدة التي تم طرحها للنقد كانت للشاعر أحمد الباشا وهي بعنوان ” نبوءة” إذ تم نقدها وتقييمها من قبل لجنة مؤلفة من الكتاب الأساتذة محمد الحسن وراغدة محمود وطلال خضر.
مديرة الملتقى وعد صبح بينت ” للبعث” أن الهدف الرئيسي ورسالة الملتقى هي دعم الشعراء الموهوبين الشباب ووضعهم على السكة الصحيحة من الناحيتين المادية والمعنوية، كذلك رفع سوية الشعر والأدب والوصول بالشعراء إلى أفضل حال.
وأشارت صبح إلى أن جلسة اليوم تأتي في إطار السلسلة التي يقوم بها الملتقى في إطار تنمية الحركة الشعرية النقدية، حيث تتناول اليوم نقد قصيدة لشاعر شاب موهوب لتسليط الضوء على قلمه وموهبته والإضاءة على النواحي السلبية والإيجابية، ما يعود بالفائدة على الشاعر كما يرفع مستوى الشعر عموما والحركة النقدية الشعرية في الوسط، لافتة إلى أنه في كل جلسة يتم اختيار لجنة وشاعر مختلفين عن الجلسة السابقة.
وفي السياق أوضح الشاعر أحمد الباشا أن هدف الجلسة اليوم هي نقد القصائد الحديثة لتعريف مفهوم الحداثة، وهي المرة الأولى التي تعرض فيها قصيدته للنقد وذلك لمعرفة أخطائه ونقاط ضعفه ولتفعيل نقاط القوة، كما أن لها فائدة للمتابعين والحضور وذلك بوجود قامات أدبية كبيرة بالمحافظة.
الناقد محمد الحسن رأى أن قصيدة الباشا تسير على أرض أفقية مستوية، وفي سوية إبداعية واحدة تنسحب على كافة أبياتها، وأن الوهج في القصيدة يأتي من كونها تسير في طريق متعرجة تعلو وتهبط ولا تنتهي إلا على قمة جبل، هذا العلو والهبوط هو الذي ينفي عنها الرتابة ويزودها بطاقة التأثير في نفس المتلقي باستثارة أحاسيسه ومشاعره.
وأردف الحسن: بما أن العنوان عتبة النص ويعكس الكثير من طبيعة القصيدة وطبيعة اللغة المحبوكة منها، فإن عنوان قصيدة الباشا ” نبوءة” هو معنى مستهلك شحب من كثرة الاستعمال، وأرى أن الشاعر يتابع بنفس النهج اللغوي التقريري البعيد عن الإيحائية، يتابع التزامه بارتباط الكلمات، موضحا أن الغاية النهائية من النقد الأدبي تقديم الفائدة للمبدع وإكسابه بعض الخبرة كي يتجاوز ذاته، وأن الجميع بحاجة إلى الاستنارة بفكر الآخرين، فلا أحد مكتمل ولا سيكتمل، مثلما أن الأدب لا ينتهي.
بدورها أشارت الناقدة والأديبة راغدة محمود إلى أن قصيدة الشاعر رائعة، فيها هذا التدفق العاطفي العذب والانثيال الصوَري الأخّاذ والمعاني الشفيفة التي تحكي خفق الروح في تجلياتها المدهشة، مضيفة: لدي ملاحظة عروضية تتعلّق بقافيتين من نوع آخر لا يجتمع مع نوع قوافي القصيدة وهما قافيتا: الخيرا والجَورا ويمكن استبدال الأولى بكلمة (حُبورا) أي سرورا، وهي حينئذٍ منسجمة مع سياق البيت في دلالته العامة
ويمكن استبدال الثانية بكلمة (زورا) فتكون أدلّ على المعنى بالمجاز الموحي، فتعبير “تُدفن زورا ” فيه استعارة تبعد التعبير عن المباشرة، لافتة أن القصيدة تستحق أعلى الدرجات وأسمى الجوائز.
من جهته رأى الناقد طلال خضر أن اختيار الشاعر موفق للبحر والروي، كما أنه مملوء بالأمل وأن القصيدة مبنية على فكرة رئيسية وهي التمسك بالأمل والإرادة والعمل للوصول إلى الهدف، فالأفكار والصور داعمة ومؤيدة في جميع الأبيات يتخللها صور فنية عالية ولغة شعرية إيمائية سلسة وانزياحات تبادلية.
وذكر خضر أن شعراء الحداثة، العمودي منه، قناصون محترفون لم يتركوا مأخذا يؤخذ عليهم، حيث جمعوا بين أصالة الشعر بحفاظهم على الوزن والقافية والموسيقى، مشيراً إلى تفوق الشعر الحديث على القديم، لأن الحديث يخاطب الروح والخيال ويوسع الآفاق، فلا يحتاج الشاعر إلا إلى الإيحاء والإيجاز، فالتصريح يفقد القصيدة رونقها وعمقها ودهشتها.
مديرة الملتقى أبدت رأيها بقصيدة الشاعر الباشا وبدأت بالعنوان ” نبوءة” إذ وجدت أن النبوءة تفتح المجال لفهم النص ولتأويلات كثيرة كما أنها تحفز على قراءته، ورأت أن النص واضح الفكرة منذ المطلع كما أنه مزين بالمحسنات والصور الكثيرة، والاقتباسات عززت الفكرة في كل بيت، ففكرة النص جميلة وواضحة ومباشرة وكذلك الأبيات، وأن البحر قريب جدا لعقل وقلب القارئ، سلس وعذب ولطيف، غير منفر ولا يشوش القارئ.
يذكر أن جلسة اليوم هي الأولى من نوعها بين الملتقيات الثقافية والثالثة على مستوى سورية بعد أن أقام الملتقى جلستين في دمشق وحمص، وذلك بهدف الارتقاء بالحركة الأدبية عموما والشعرية خصوصا من خلال إعادة إنعاش الحركة النقدية البناءة للشعراء وما يقدمونه من شعر.