صحيفة البعثمحافظات

الكتاب المدرسي ليس بخير.. التصريحات والبلاغات لا تغفر التقصير والأخطاء!

طغت أزمة الكتاب المدرسي على كل الإشكاليات التربوية للعام الدراسي الحالي، إذ برزت قضية نقص الكتب وتوزيع كتب غير صالحة للاستعمال في بعض المدارس، بعضها ناقص أو ممزق، والبعض الآخر من المناهج القديمة.

فئة “ VIP

ومع تقدير الجميع للظروف الصعبة والحصار الجائر وصعوبة تأمين الورق، لم تخرج فروع مؤسسة الطباعة في المحافظة والمدارس  من دائرة الاتهام كون أغلب المدارس شهدت “خيار وفقوس” أثناء توزيع الكتاب المدرسي، فالتلاميذ الذين لديهم حظوة وأبناء المدرسين من فئة “VIP” حصلوا على الكتب الجديدة، وإن لم يتمكنوا من ذلك، وزعت لهم الكتب الأفضل والأقل قدماً وشبه الجديدة، على حد قول الأهالي الذين حملوا في حديثهم لـ “البعث” إدارات مدارس أبنائهم مسؤولية هذا الخلل وفرض النسخ القديمة جداً مما لا تصلح للقراءة أو الكتابة على عليهم.

مخالف للتعليم

المستهجن هذا العام توزيع الكتب القديمة للصفوف الثلاثة الأولى، وكلنا نعلم أن تلاميذ هذه الصفوف، وخاصة الصف الأول، نسبة 90% من طرائق التعليم تكون عن طريق الحل على الكتب، لتتساءل مدرسات قبل الأهالي عن كيفية إيصال المعلومة للمتعلم في ظل هذه المشكلة، إذ يضطر التلميذ لمحو كل ما هو مكتوب سابقاً لكي يبدأ من جديد وهذا ما يعرض الكتاب للتمزيق.. هذا إن لم يكن ممزقاً من قبل، علماً أن التعليمات التربوية تؤكد على ضرورة تسليم الصفوف الثلاثة الأولى الكتاب المدرسي الجديد.

ولم يخف مدرسون مسؤولية الأهل وغياب ثقافة المحافظة على الكتاب المدرسي، فعندما يقوم التلميذ بتمزيق كتابه لأنه لم يعد بحاجته فتلك “تربية!!؟” منزلية لا دخل للوزارة بها.

تضليل مدرسي 

وحمّل مصدر في مؤسسة الطباعة، فضّل عدم ذكر اسمه، أمناء المكتبات وإدارات المدارس مسؤولية هذا الخلل من ناحية الكتب القديمة والمهترئة، كاشفاً عن تضليل المدارس للمعنيين في مؤسسة الطباعة من خلال الرد على مراسلات “المؤسسة” بجودة الكتب لديهم، ولا يوجد فيها تالف، ما دفع مؤسسة الطباعة إلى اعتماد كلام هذه المدارس، وبناء عليه تم التوزيع، إلا أن ظهور هذه الأزمة أكدت عدم صحة ما أرسلته مديريات التربية ما أوقع وزارة التربية في مشكلة تواجد الكتاب القديم بين أيادي التلاميذ.

رغم كل ما حدث من صدى لهذه المشكلة وتداعياتها لم يخرج المعنيون في المؤسسة العامة للطباعة عن خط التصريحات المنمقة وذلك من خلال تأكيدهم أن وزارة التربية وفرت الكتاب المدرسي كونه أولويات عملها في ظل الظروف الصعبة وقلة توفر المواد.

مدير المؤسسة علي عبود اعتبر أن المؤسسة تقوم بطباعة الكتب وفق ما هو مطلوب، حيث تتم الطباعة عن طريق مطابع القطاع العام واللجنة الدائمة للطباعة، مبيناً أن الأرصدة الموجودة في مستودعات المؤسسة الجاهزة للتوزيع، بداية العام الدراسي، حوالي 22 مليون نسخة كتاب مدرسي، منها 18 مليون نسخة لمرحلة التعليم الأساسي و4 مليون نسخة لمرحلة رياض الأطفال والتعليم الثانوي والمهني والمعاهد.

تبريرات وظروف 

وأشار عبود إلى أنه، بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار الاقتصادي، وارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً، من ورق وكرتون وأحبار وبلاكات، وصعوبة تأمينها كونها مستوردة، يضاف إليها أزمة الطاقة والنقل وتأثيرها، لا يزال الكتاب المدرسي يقدم من قبل الدولة مجاناً من الصف الأول الأساسي وحتى الصف التاسع الأساسي للمدارس الرسمية التابعة لوزارة التربية ووزارتي الأوقاف والشؤون الاجتماعية والعمل ومدارس أبناء وبنات الشهداء في مرحلة التعليم الثانوي وأبناء الشهداء وجرحى الحرب من أفراد الجيش العربي السوري ونسخة مجانية واحدة لمن لديه ولدين في مرحلة التعليم الثانوي والمهني.

وعن الصفوف الأولى (1+ 2 + 3)، يقول عبود إن المؤسسة تؤكد على فروعها بالمحافظات ضرورة توزيع الكتاب المدرسي الجديد واستكمال الحاجة من المستودعات الفرعية وعدم إعادة توزيع الكتاب الملغى والتالف أو الممزق وغير الصالح للاستخدام ومراعاة العدالة عند التوزيع بين جديد وقديم وتم تكليفهم بمتابعة توزيع الكتاب ومعالجة حالات الخلل إن وجدت.

توجيه وتأكيد! 

وتابع عبود: وفق التعليمات الصادرة من وزارة التربية، والقاضية بعدم استلام الكتب الممزقة من التلاميذ وتغريمهم بها، إضافة إلى التوزيع المجاني للكتاب المدرسي، وضرورة توجيه التلاميذ والطلاب إلى المحافظة على الكتاب المدرسي أثناء العام الدراسي، وإعادته إلى المدرسة وفقاً لتعليمات الاسترداد بحالة جيدة وصالحة للاستخدام للعام الدراسي التالي، وفي حال عدم إعادته يغرم بقيمة الكتاب وفقاً لتعليمات الاسترداد.

ومع سرد هذه القرارات والتعليمات والبلاغات الوزارية، وخاصة منها توجيه لجنة الكتاب المدرسي وأمناء المستودعات لسحب الكتب التالفة والممزقة وغير الصالحة للاستخدام، الموزعة على التلاميذ والطلاب، وتسليمهم كتبا جديدة بديلة عنها، ومراعاة العدالة بتسليم الكتب (جديد – قديم)، يبقى السؤال الأهم، في حال وجود الكتب الجديدة في المستودعات: لماذا لا يتم توزيعها فوراً للصفوف الأولى؟

أخيراً، وليس آخراً، ومع البلاغات المطمئنة بأن الكتاب المدرسي بخير، لماذا لا تجد هذه القرارات والتعليمات طريقها للتطبيق على أرض الواقع؟ فما يكتب على الورق مغاير تماماً عن الواقع، والكتاب المدرسي ليس بخير!

علي حسون