الأنشطة السيبرانية الأمريكية تتطلب عيوناً ساهرة
هناء شروف
في شهر أيار الماضي نشرت وكالة الأمن القومي الأميركية تقريراً بدعم فني من شركة مايكروسوفت، زعم أن هجوماً إلكترونياً دبّرته الصين استهدف البنية التحتية الحيوية في جزيرة غوام، وهي منطقة أميركية ذات أهمية إستراتيجية في المحيط الهادئ.
ووفقاً لمايكروسوفت ومجموعة تبادل المعلومات الاستخبارية، فإن المهاجمين اخترقوا شبكات الكمبيوتر في جزيرة المحيط الهادئ المستخدمة للأغراض المدنية والعسكرية، وهذا جزء من عملية تضليل جماعية تجريها الدول الأنغلوسكسونية “العيون الخمس” لأغراض جيوسياسية.
ورداً على هذا الادعاء قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يختلقون فيها مثل هذا الهجوم، وهي على حق، إذ استمروا في تكرار الكذبة نفسها مرات عدة.
ويزعم تقرير صدر مؤخراً عن شركة “مايكروسوفت ثريت انتيليجينس” أن القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية في غوام هي واحدة من أكثر الأهداف المتكررة للهجمات الإلكترونية الصينية، وخاصة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وكيانات الاتصالات الموجودة هناك.
وكان التهديد المتضخم المفترض لجزيرة غوام سبباً في اجتذاب مجموعة من أعضاء مجلس النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بما في ذلك زعماء لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، إلى زيارة الجزيرة هذا الصيف. وفي هذا الشهر زار رئيس الموارد الطبيعية بمجلس النواب بروس ويسترمان الجزيرة مدعياً أنها على الخط الأمامي في الحرب ضد التهديدات السيبرانية.
ومن الطبيعي أن تستفيد غوام إلى أقصى حدّ من كونها محطّ الاهتمام، ففي كانون الأول من 2022 قال نائب مدير وكالة الأمن القومي روب جويس إن مشاركة المعلومات التي رفعت عنها السرية مع الشركاء الذين يمكنهم بعد ذلك اتخاذ إجراء بشأنها سيكون بمثابة “تغيير لقواعد اللعبة”. ومن هذا المنطلق منح مكتب شؤون الجزر التابع لوزارة الداخلية الأميركية مبلغ 500 ألف دولار لمكتب التكنولوجيا في غوام لإنشاء مشروع للمرونة السيبرانية في أواخر تموز الماضي، ما يقدّم دليلاً على الإستراتيجية الأمنية لإدارة جو بايدن، أي دفع الأموال لأي شخص يدّعي أنه “ضحية” لهجمات من الصين.
وقالت إستير أجويجي مستشارة الأمن الداخلي في غوام إن الحكومة أنجزت تقريباً إستراتيجية الأمن السيبراني لإدارة المخاطر السيبرانية من مجرمي الإنترنت والدول القومية على حدّ سواء، وإذا كانت غوام راغبة في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات السيبرانية الحقيقية فمن الأفضل لها أن تنظر في تعزيز دفاعاتها ضد الأنشطة السيبرانية المتناثرة التي تقوم بها الولايات المتحدة.
قام قانون تفويض الدفاع الوطني بتعديل المادة 10 من قانون الولايات المتحدة، والتي تحدّد دور الجيش الأمريكي لتوسيع سلطة القيادة السيبرانية الأمريكية للقيام بالأنشطة العسكرية التقليدية في الفضاء السيبراني، وفي البيئات غير المعادية، أو خارج المناطق المعادية. يسهل هذا التوسّع على القيادة السيبرانية إجراء العمليات السيبرانية لأنه قضى على الاحتكاك بين الإدارات، وبهذا تكون الأنشطة السيبرانية للولايات المتحدة هي التي تستحق المراقبة.