اليوم العالمي للوطن العربي
غالية خوجة
يؤلمنا دوران الأرض كلما اهتزّ جوفها فتشعرنا باللا أمان حتى في بيوتنا وبين جدرانها، فنرتج معها وترتجّ معها ذكرياتنا وأحلامنا، ونركض إلى الشوارع.. منا من يمكث بين الأنقاض منتظراً أن تطلّ الحياة مع المنقذين ويعود إلى سطح الأرض، ومنا من يسأل عن أهله وأصدقائه والناس، ومنا من قضى نحبه؛ وفي جميع الحالات، تظلّ الحالة النفسية مصابة بتلك المتلازمة التي أصابت سوريتنا الحبيبة في زلزال 6 شباط، وهي الحالة ذاتها التي شعرنا بها وهي تصيب الناس أينما كانوا على هذه الأرض، راجين من الله لطفه المنتشر حتى مع إعصار ليبيا وغيرها مواسين الجميع.
نبض الإنسانية واحد، وهذا ما تربّينا عليه في هذا الوطن الحنون، الذي يفتح روحه وقلبه وذراعيه وبيوته للجميع، خصوصاً الأشقاء العرب، وفي مختلف الظروف؛ وهذا ما لن ينساه أخوتنا الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون، وغيرهم، لأن ألمهم ألمنا، وفرحهم فرحنا، وهذا من جذور هويتنا الحضارية وقيمها العريقة والدائمة على مرّ الأزمان، وهذا حال الإنسان العربي السوري سواء كان في سورية أو خارجها، لأن الشهامة كما الطيبة تجريان في دمه، فلا يمكن أن يتجاهل أو يتوانى، وكذا.. حال وعادة الإنسان العربي الأصيل الذي كان سبّاقاً في الإغاثة واللهفة والكرم والتعاضد، سواء في سورية أو المغرب أو ليبيا.
والسؤال المهمّ: لماذا وطننا العربي لا يفتح حدوده المصطنعة لأبنائه العرب، فلا داعي لتأشيرة مسبقة، بل من الممكن الحصول عليها في المطارات العربية؟ ولماذا اعتبر العالم، ومنهم العرب، السوريين “لاجئين”، بينما سورية لم تعتبر أي عربي عانى من أي ظرف في بلاده وخارجها لاجئاً؟!
سورية بهويتها العربية وثقافتها الحضارية تُكرم الجميع، وخصوصاً، العرب، وقانونها لا يعتبر العربي أجنبياً، بل عربياً، إذن، لماذا لا تصوغ الدول العربية قانوناً خاصاً بالشعب العربي يراعي ما يوحّد العرب ولا يفرقهم على كافة الأصعدة المناسبة، ولعلنا نحتفل به في عام قريب في اليوم العالمي للقانون الذي صادف 13 أيلول الجاري؟.
كل إنسان في وطننا العربي يحبّ كل الشعب العربي، والوحدة العربية، فلماذا لا نبتكر طرقاً مناسبة لتوحيد هذه الوحدة؟ ولماذا لا نستفيد من بعض إيجابيات الاتحادات العالمية الأخرى إذا كانت مناسبة لنا فنطوّرها بما يناسبنا، ونبتكر طريقة حياتنا في جغرافيتنا الحضارية؟
العرب أقوى بأنفسهم وعقولهم وجغرافيتهم وتأريخهم وثرواتهم البشرية والطبيعية وحضارتهم.. نحن أقوى مما يُرسم لنا من حروب وحصارات ونزاعات، والأزمنة والشعوب الأخرى تشهد على حضارتنا، فلماذا لا نكرّس ذلك واقعياً وافتراضياً؟
الشعب العربي المتوحّد، روحياً وقلبياً ووجدانياً، من المحيط إلى الخليج، بحاجة إلى قانون عربي معاصر يوحّد حياته وينظّمها ويكرّسها وييسرها ويمنحها انفتاحاً عربياً عربياً مشرقاً بالمتحولات الجميلة والمسارات المتناغمة باستدامة قابلة للتطور والتطوير بتشاركية وتفاعلية تنجز أهدافها ومصالحها المشتركة عبْر الأجيال والمستقبل.
وأقترح أن يكون لنا كعرب يوم عالمي باسم “يوم الوطن العربي”، نطالب به وتقرّه منظمة اليونسكو، لنحتفل به ويحتفل به معنا العالم، ويكون تاريخه في اليوم الذي يقرّر الحكام العرب مجتمعين الاجتماع فيه للإعلان عنه رسمياً، ويكون يوماً للزيارات العربية العربية المفتوحة، ويوماً يجتمع فيه الرؤساء والملوك العرب للبحث والتشاور والتحاور واستصدار المناسب للشعب العربي من الاتفاقيات العربية والقوانين العربية المهتمة أولاً وأخيراً وبكل تأكيد بالمواطن العربي.
وليكن ذلك حلماً طموحاً نعيشه بين أنفسنا ريثما يتحقّق في المستقبل القريب أو البعيد، فنرانا فراشات ترفرف وحمامات سلام تحلق بين الأرض والسماء العربية.