بين ليلة و”ضواحيها”!
وائل علي
يتناقل كثيرون كلاما استفهاميا واستغرابيا عن أشخاص مغمورين سطع نجمهم وبرزت أسماؤهم بقوة في عالم “البزنس” بين ليلة و”ضواحيها”، كما يقول المبدع زياد الرحباني، في أحد أعماله المسرحية الشهيرة “بالنسبة لبكرا شو “، ولسان حالهم – حال المتسائلين طبعا – من أين أتت وهبطت هذه النعم والثروات الخرافية الطائلة الطارئة التي تحتاج لقدرات شخصية أو علمية أو مهنية أو تجارية أو صناعية أو حرفية خارقة لاكتناز وجمع تلك المليارات التي لا تتناسب قطعا مع إمكانات ومؤهلات غالبيتهم، المتواضعة والبسيطة إلى حد كبير، عدا أن جمعها بهذا الشكل الأسطوري يحتاج لزمن وسنوات وربما عقود طويلة لا تستقيم مع الزمن القياسي والقصير الذي اقتحم أصحابه خلاله بوابة الثراء الفاحش والتخمة المالية المفرطة، وعلى فرض أن تلك الثروات انتقلت ووصلت لهذه الشريحة بالوراثة – وهذا لا يعنينا – فلابد أنها تحتاج لحسن تدبير وتصرف وإدارة كي لا تضيع وتتبدد وتتبخر، فدرهم مال يحتاج لقنطار عقل كما يقول قدماؤنا…
ومن المثير واللافت حقا أن معظم الأثرياء الجدد لم يؤسسوا ولو لمشروع استثماري أو إنتاجي واحد خارج البلاد ولا داخلها قبل النعمة، ما عدا تلك الأعمال التجارية الحصرية التي استحوذوا عليها وسط تساؤلات لا عد لها ولا حصر، سيما أن “حارتنا ضيقة” ولا يوجد ماهو خفي أو غير معلوم!
وللإنصاف، فإن حالات الثراء ليست حكرا على رجال وشخصيات أتت من عالم القطاع الخاص حصرا، بل إن عددا مهما منهم أتى من عالم الوظيفة العامة التي لا تسد الرمق ولا تغني ولا تسمن من جوع، فكيف ومن أين أتت هذه الثروات والرساميل!؟
وهذا يفترض أن يقودنا منطقيا – وليس من باب الفضول – للسؤال والتدقيق عن شرعية الأموال ومصادرها والتزام أصحابها بالاستحقاقات الضريبية والمالية المتوجبة استبعادا للشبهات والشكوك التي تحكيها وتلوكها الألسن!
وإذا كان لدى هؤلاء “المليارديرية” هذه القدرات التي حققت وصنعت تلك “المعجزات” المالية والاقتصادية، فلماذا لا نستعين بها ونوظفها لمعالجة مشكلاتنا ووضع الحلول لمعضلاتنا للخروج من عنق الزجاجة التي تخنقنا، وتضيق على أعناقنا بدل الدوران في حلقة مفرغة، إن لم نقل السقوط في هاوية لا تعرف إلا لغة التبرير والتسويف والحجج!
إننا نعتقد أن لاغضاضة تمنعنا أوتعيقنا من فعل ذلك من باب “ليطمئن قلبي” وتأكيد شرعية ما يجري، وأننا في السليم، وهذا برأينا تكريس لثقة نحن بأمس الحاجة لها بكل المعاني والصعد، وسط هذه “الهمجية الاقتصادية والمالية” الطاغية!