أمثال غابرة وقصص معاصرة في الجمعية التاريخية
آصف إبراهيم
الأمثال هي حكمة الشعوب و مرآتهم التي تعكس أحاسيسهم على مختلف مستوياتهم، وهي المتنفس الوحيد لمشاكلهم والمعبر عن همومهم. كما هي بمثابة معايير أخلاقية يضعها عقلاء القوم لتكون ضابطاً سلوكياً ومنهجاً أخلاقياً علامته وخاصته يتناقلها الخلف عن السلف جيلاً بعد جيل فتظل محفورة في ذاكرة الشعب تعبر عن كفاح أبناءه عبر سنين حياتهم سرائها وضرائها، نعيمها وبؤسها، يسرها وعسرها، كما هي أصدق شيء يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها وعقليتها وعاداتها ، ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي صورة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية .
حول الأمثال العربية كانت محاضرة للمهندس عدنان السلقيني بعنوان “أمثال غابرة وقصص معاصرة” مساء أمس السبت في الجمعية التاريخية السورية بحمص، بدأها بتعريف الأمثال على أنها أقوال قصيرة موجزة تختزن مواقف معينة خاصة، وهي سهلة الحفظ والتلقين وتستخدم في مواقف مشابهة، وتحمل انعكاساً واضحاً لشقاء الناس وسعادتهم وضعفهم وفقرهم وبؤسهم والتعبير عن أحوالهم النفسية وسلوكياتهم اليومية، ويعبر عنها بالشعر والنثر و الأسجاع .
وتحدث عن أهمية الأمثال التي تعد المنهل الذي يراد حين دراسته حفظ تراث الأمة الفكري والاجتماعي واللغوي وفق عاداتها وتقاليدها، فلكل مثل قيمة على المستوى التحليلي للغة، ولذا دعت الحاجة إلى الاهتمام بتلك الأمثال لما لها من أهمية في حفظ تراث الأمة..
وعن ظهور الأمثال ونشأتها تحدث عن ظهورها مع ظهور المجتمعات البشرية ،فالأمثال كاللغة، وليدة التجربة الإنسانية، والأمثال العربية، وصلت إلينا مع اللغة العربية نفسها، هذه اللغة التي تميزت بخصائصها منذ العصر الجاهلي، ثم احتفظت بهذه الخصائص بفعل نزول القرآن بها.
وتطرق إلى أهم الكتب التي جمعت ووثقت الأمثال العربية عبر العصور حيث لفتت أنظار العلماء واللغويين وشدت انتباه الباحثين المحدثين إلى متابعة هذه الظاهرة اللغوية، وانعكس ذلك الاهتمام على ظهور تصنيفات عديدة تناولت الأمثال العربية وشرحها وتبويبها، وذكر المناسبة التي قيلت فيها. ومنها كتاب “الأمثال العربية دراسة تحليلية تاريخية ” يتناول الأمثال في العصرين الأموي والعباسي ويدرس الأطوار التاريخية للأمثال وتعدد الروايات ومعاني الأمثال بين الوضوح والغموض .وكتاب “موسوعة أمثال العرب “في ستة أجزاء، وغيرها الكثير.
وصنف سلقيني الأمثال، كما جاء في دراسات عديدة، بين أمثال جاءت في القرآن الكريم، وأمثال النبي(ص)، وأمثال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأمثال الشعراء ،وأمثال الفلاسفة.
وفي الجزء الثاني من المحاضرة “قصص معاصرة ” يروي سلقيني مجموعة قصص وحوادث جرت معه خلال مسيرة حياته يحاول من خلالها إيجاد مقاربة منطقية بين الأمثال وتجارب الحياة وتأكيد صوابها وحكمتها، كمثل أعط خبزك للخباز ولو أكل نصفه، ومثل رب ضارة نافعة، وأصبح له عندنا ضربة لازمة، ومقولة الإمام علي الرزق رزقان رزق تطلبه ورزق يطلبك، وغيرها قدمها سلقيني بأسلوب سلسل لا يخلو من المفارقات الفكاهية الطريفة.