ضجيج بيئي؟!
بشير فرزان
تناقض غير مفهوم بين إجماع الآراء الشعبية والرسمية على هشاشة المنظومة البيئية وضعف أدائها وبين طريقة تعاطي الناس مع بيئتهم وخاصة لجهة دورهم السلبي ومساهمتهم في تخريبها وإلقاء اللوم في ملعب الآخرين، وهذا التناقض يبرز بشكل واضح أيضاً من خلال عمل الجهات المعنية التي تخبىء تقاعسها وراء الكثير من القرارات التي تتخذها ورقياً ضمن سلسة البحث عن السلامة البيئية دون أن تستطيع رفع وتيرة الأداء وإحداث تبدلات جوهرية على ساحة العمل البيئي الذي كان ساحة للتنظير ضمن “مشروع حماية الموارد الطبيعية من الملوثات” الذي أطلق ما قبل الحرب، ولم يتمخض عنه سوى المزيد من التلوث وفواتير بمئات الملايين من الليرات السورية التي لا يزال البحث جار عن حقيقة استثمارها داخل العمل البيئي، وعن العلامة الفارقة التي أحدثتها على صعيد تحسين الأداء وتحقيق تقدم على جبهة “البيئة النظيفة”.
وطبعاً رغم ضحامة الأضرار التي لحقت بالبيئة نتيجة جرائم الإرهاب إلا أنه في خضم هذه “المعمعة”، قد يؤخذ على الجهات المعنية الاستمرار في عمليات البحث داخل تفاصيل الحرب والحصار عن مبررات، وإن كانت فعلية إلا أنها لا تعفي من المسؤولية ولا تعطي مبرراً للتقاعس، فالضجيج البيئي الذي لا تزال أصداؤه تتردد في جميع الأوساط الرسمية والشعبية عن سوء الواقع، يقابله حالة من الصمت المنتج للأعذار وهو السائد في المكاتب المسؤولة، وهو ما قد يفهم على أنه حالة من الرضى عن الذات عبر المنشورات والبروشورات التي تستثمرها للخروج من دائرة الاتهام وإدراج كل ما يقال عن تقصيرها في خانة التفكير الظني الذي لا يخدم المصلحة العامة ولا يمنح فرصة الوصول إلى قرار حاسم.
ولاشك أن هذا التعاطي السلبي له الكثير من العواقب والتداعيات على البيئة وعلى الفاعلية والتشاركية بين المواطن والجهات المعنية التي باتت أكثر ضرورة لإسقاط النوايا الخبيثة التي تستهدف الثقة المتبادلة والعلاقة المتوزانة بين واجبات المواطن تجاه البيئة ومدى تجاوب المنظومة المؤسساتية مع متطلبات السلامة على مختلف الصعد. ومن هنا تكون التشاركية بالمسؤولية أحد أهم بوابات العبور نحو البيئة النظيفة التي تنتظر البدء بعمل جدي يرمم ويضمد جراح البيئة ويقلل من تداعياتها، وهذا يحتاج إلى تضافر الجهود وعمل وطني بامتياز ومدعم بقرارات وقوانين ومبادرات اهلية ترقى إلى مستوى الواقع البيئي.