واشنطن وبروكسل خسرتا حرب الاستنزاف ضدّ روسيا
تقرير إخباري:
تشير جميع المعطيات القادمة من العسكريين والساسة الغربيين على حدّ سواء، إلى أن هناك توجّهاً عاماً لدى الغرب عامة والحلف الأطلسي خاصة إلى تقليص إرسال الأسلحة إلى النظام الأوكراني، وقد بدؤوا فعلياً بإرسال إشارات حول ذلك، حيث أعلن رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، أن وارسو لم تعُد تنقل أي أسلحة إلى أوكرانيا، وأنها تعمل بنشاط على تسليح نفسها.
وعلى اعتبار أن بولندا هي ثالث أكبر مورّد للأسلحة إلى أوكرانيا في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، فإن مثل هذا التصريح يحمل في طيّاته الكثير من الإشارات إلى توجّه غربي عام ولكن يحتاج إلى وضع دولة في المقدّمة لإعلان ذلك، وخاصة بولندا التي أوكلت إليها واشنطن مهمّة بديلة لفرنسا وألمانيا.
ومن هنا، تحدّث رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين في قناته الرسمية على تطبيق “تليغرام”، عن أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي خسرا “حرب الاستنزاف” ضد روسيا، مشيراً إلى وجود أدلّة واضحة حول ذلك، حيث بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” وغيرهما من المسؤولين الغربيين بالحديث عن “حرب استنزاف” يخوضونها في أوكرانيا، بعد أن ضخّوا مبالغ ضخمة لعسكرة نظام كييف، الأمر الذي أدّى إلى نقص الذخائر والأسلحة في الغرب.
واستدلّ على ذلك بقول وزير الدفاع البريطاني السابق بن والاس، في حزيران الماضي: إن الدول الغربية استنفدت مخزونها الوطني من الأسلحة التي يمكن توريدها إلى كييف، وباعتراف بايدن من جانبه بأن قرار نقل الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا قد اتخذ بسبب استنفاد القذائف التقليدية.
أما المؤشّر الثاني على هذا التوجّه فهو، حسب فولودين، فقدان سكان أوروبا والولايات المتحدة الثقة بالسياسيين، حيث يرفض 57% مسار بايدن، و69% ماكرون، و79% شولتس، ويعارض أغلبية سكان الولايات المتحدة والدول الأوروبية إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.
وجاء فشل الهجوم الأوكراني المضاد بالمرتبة الثالثة، حيث تكبّد الجيش الأوكراني، رغم دعم حلف “الناتو”، خسائر فادحة في القوى البشرية والمعدات العسكرية، ولم تتحقّق أي نتائج، ما خيب آمال الرعاة الغربيين.
وتأتي المشكلات الاقتصادية لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لتعزّر هذه المؤشرات، إذ تعاني اقتصادات دول منطقة اليورو من الركود، بينما تضطرّ ألمانيا إلى خفض المساعدات الاجتماعية، وينخفض عدد المستفيدين في فرنسا من المساعدات، كما خفّضت الوكالات الدولية تصنيف الاستثمار الطويل الأجل للولايات المتحدة.
وربّما كان المؤشر الأوضح على هزيمة الغرب في حرب الاستنزاف هو نقص العامل البشري الذي يعتمد عليه في مواجهة روسيا، وهو نقص الأفراد في الجيش الأوكراني، الأمر الذي اضطرّ النظام الأوكراني إلى تعبئة الرجال الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وكذلك مرضى السل والتهاب الكبد الفيروسي وفيروس نقص المناعة البشرية، وتسجيل النساء في الخدمة العسكرية، ومنع الممرضين والأطباء والصيادلة من السفر خارج أوكرانيا.
ولا شكّ أن إفلاس أوكرانيا وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية دون مساعدة واشنطن وبروكسل، وفقدان البلاد استقلالها المالي، يعدّ مؤشراً واضحاً على ذلك أيضاً، بالإضافة إلى الكارثة الديموغرافية في أوكرانيا، حيث فرّ من البلاد أكثر من 10.5 ملايين شخص، بينما اختار 11.2 مليوناً آخرين الانضمام إلى روسيا.
وبناء على ذلك كله لم يبقَ أمام النظام الأوكراني، حسب فولودين، إلا الاستسلام بشروط روسيا، أو القبول باختفاء دولة أوكرانيا من الوجود.
ومهما حاول الغرب الجماعي القفز فوق هذه المعطيات فإنه سيضطرّ عاجلاً أم آجلاً إلى الإقرار بهزيمته في حرب الاستنزاف والدخول في مفاوضات مباشرة مع روسيا حول طبيعة العلاقة معها مستقبلاً، وهناك دعوات غربية بدأت تظهر في هذا الاتجاه.
طلال ياسر الزعبي