جوائز ونماذج من الأدب السّاخر في مهرجانه الأوّل
نجوى صليبه
أعلن اتّحاد الكتّاب العرب – جمعية القصّة والرّواية – عن نتائج مسابقة القصّة السّاخرة للكبار والصغار، في مكتبة الأسد الوطنية، وأمّا الجائزة الأولى فذهبت إلى ميادة سليمان عن قصتها “الدكتور ناهق الرّافس”، والثّانية حصلت عليها وجدان أبو محمود عن قصّتها “بحر من نعناع”، بينما حصل عيسى الشّماس على الجائزة الثّالثة عن قصّته “قبّعة سعاد الحمراء”، في حين ذهبت الجائزة الرّابعة إلى أصغر المشاركين وهو الطّفل جبران أبو فخر عن قصّته “العقاب”، ويوضّح الشّاعر توفيق أحمد نائب رئيس اتّحاد الكتّاب العرب المعايير التي اختيرت القصص الفائزة على أساسها: ” تقدّم إلى المسابقة ستّون وثمانون قاصّاً، بينهم ثلاثة أطفال، ولقد فرض النّصّ نفسه على اختيارات اللجنة التي درست النّصوص كلّها، وأخذت في الحسبان مسائل متعدة بتقييم النّصوص، من بينها الفكرة والأسلوب، وتعاملت مع نصوص الأطفال على أساس أصغر كاتب سنّاً”.
ويبيّن الأرقم الزّعبي عضو المكتب التّنفيذي في الاتّحاد أنّ الهدف من المسابقة هو التّحريض والتّشجيع على استمرار كتابة الأدب السّاخر الذي يعتمد على نظام البرقيات والإشارات السّريعة، يقول: “أحد المعايير في التّقييم كان الومضات القوية المعبّرة والفكرة الممتدة على مساحة كبيرة واللغة الأدبية اللائقة بشكل لا تسقط فيه السّخرية من جمالية الأدب، إضافةً إلى فكرة القصّة، وكان هناك بعض القصص التي تحمل أكثر من فكرة وحدث”.
وبالعودة إلى الأدب السّاخر كفنّ أدبي لا بدّ من وصفه أو التّعريف به، يقول أحمد: “الأدب السّاخر حالة تمرّد يكتب بعيداً عن الجدية الكاملة، وهو رفض واحتجاج على واقع سائد، ويقبله المتلقي ضاحكاً ساخراً، وهو أيضاً عملٌ فلسفيٌّ وهو هجّاء، الكتّاب البارزون مثل “تشيخوف” يعبّرون عن أدب ساخر موظّف بتكتيك كتابي عال لنقد الواقع والمجتمع والآخر، والسّخرية الموجودة في نصوص أدب محمد الماغوط هي أدب ساخر يحتشد بالمرارة، مضيفاً: “تسرّبت السّخرية إلى كلّ الأجناس الأدبية، ولا سيّما تلك التي تهتمّ بالتّكثيف والتّرميز وتحفل بالمفارقة والسّخرية، ويلعب هذا الأدب دوراً كبيراً في رصد الواقع الحافل بالمتناقضات والمفارقات ويعتمد على الموقف الطّريف ويأخذ باللحظة الحزينة ليعيد إنتاجها بصورة ضاحكة، وهو أيضاً يرصد متناقضات الواقع ويقدّمها صوراً مشهدية ساخرة، ويلطّف ويجمّل من ثقل الحياة والألم والوجع، ويكون رهانه تحويل المصائب والأوجاع إلى مادّة للسّخرية والضحك؟ حتّى أنّ الأدب السّاخر يمكن أن يكون ترميماً للدّواخل النّفسية المتعبة جدّاً، لنا أمثلة في الأدب القديم “البخلاء” للجاحظ وأبو العتاهية والحطيئة ومقامات بديع الزّمان الهمذاني، على كلّ نحن، اليوم، كاتّحاد سعيدون بإنجاز المهرجان الأوّل للأدب السّاخر وهذه المرّة في القصّة”.
وفي لمحة تاريخية عن هذا الأدب، يقول عماد نداف مقرّر جمعية القصّة والرّواية في الاتّحاد ومعدّ المهرجان: “ظهرت الكوميديا في الدّراما تاريخياً، وظهرت التّراجيديا والكوميديا في المسرح كما سجّلا عنوانين أساسيين في الدّراما، مبيناً: “هناك فنّ ساخر جديد يتشكّل، وهناك 15 كاتباً ساخراً، اليوم، ينشرون في الصّحافة والمواقع الإلكترونية.
أمّا القاصّ الدكتور عامر المارديني، فبيّن أنّ: “َالقصّةَ السّاخرة هي بحقّ أدبٌ ينطوي على موهبةٍ فريدةٍ خاصّةٍ من نوعها، لأنّه يحمل طابع السّهل الممتنع القريب من غالبيّة القرّاء بشرائحهم كلّها، وتكمن قيمته في تأثيره الكبير عليهم وعلى تعديل تفكيرهم وضبط سلوكهم، وفي قدرته على رؤية جوانب أخرى لاتلتقطها أعينهم، وهو بارعٌ في جعلهم يبتسمون أو يقاسمون أبطال القصّة همومهم وآلامهم لأنّها بكلِّ بساطة، تشبه همّ كلّ فردٍ منهم، واليوم؛ ومع إعلان نتائج مسابقة القصّة السّاخرة أودّ أن أقدّم نصيحةً للفائزين خصوصاً ولجيل الشّباب عموماً”.
وأوجز مارديني النّصيحة بالقول: “مهما كانت دراستكم الأكاديميّة أو مجالات عملكم المهنيّة، أو درجاتكم العلميّة، عليكم بالقراءة ثمّ القراءة ثمّ القراءة قبل التّفكير بالكتابة وترجمة الأحاسيس والأفكار والتطلّعات على الورق أو الحاسوب، فالقراءة هي النواة الأولى لتنوير عقولكم وبصائركم، وهي أيضاً السّكّة التي سيسير عليها قطار أحلامكم ورؤيتكم للمستقبل والمجتمع الجديد..تحيّتي لكلّ البذور الطّموحة التي ستُونع ثمراتٍ مهمّةً في أدب القصّة السّاخرة في سورية ، لتؤكّد كل حينٍ أنّ الثّقافة طريقٌ رئيسةٌ إلى نهضة المجتمع وتكريس وعيه الإيجابيّ والبنّاء”.
وتخلل الحفل ، الذي كان إطلاقاً أيضاً لـ”مهرجان الأدب السّاخر” بدورته الأولى ، فقرات سينمائية ومسرحية وغنائية وشعرية موضوعها الأدب السّاخر، فقد شارك فريق رؤية السّينمائي بفيلم قصير حمل عنوان “ري” مأخوذ عن قصّة “البيجاما” للقاصّ عامر المارديني، كما عُرضت موادّ فيلمية قصيرة مختارة من ذاكرة التّلفزيون، وتحديداً الأعمال التي جمعت الفنان دريد لحام والكاتب محمد الماغوط، إضافةً إلى عرض أغنية تقارب هذا الأدب للفنّان شادي الصّفدي، وفقرة زجلية للشّاعر ماجد حمدان وسكيتش كوميدي للشّاب علي سلامة من فريق “شط” التّطوعي.
وفي القصّة القصيرة التي هي موضوع المسابقة، قرأ الكاتب داوود أبو شقرا قصّة بعنوان: “جحا والملك والقهوة العربية”، بينما قرأ القاصّ سامر منصور قصّة بعنوان “بين ماردين”، وأمّا الثّالثة فقرأها عماد الدين الإبراهيم بعنوان “بانتظار الغاز”، منوّهاً بأمر مهمّ جدّاً، يقول: “أوّل ما يدعو إلى السّخرية هو أنّه كيف لشخص جادّ متجهم مثلي ويشارك في الأدب السّاخر.. فيا للمفارقة!”.