السلام من الذات وينسحب على المجتمع في معرض الفنّ للسلام
ملده شويكاني
لطالما ارتبط مفهوم السلام بألوان الثقافة وفنونها، فكثير من الأدباء رسموا شخصيات تنشد وتقاوم من أجل السلام، وكثير من الكتّاب حاولوا تحليل أبعاد السلام في كتبهم، وكثير من الموسيقيين يعزفون لنشر ملامح السلام، وكذلك التشكيليون الذين يجسدون حالات تعبيرية وصوراً متنوعة بفضاءات لوحاتهم تعبّر عن السلام الذي يبدأ من الداخل ويتطلب تدريباً وجهداً من الذات لتمثل مفهوم السلام.
وفي معرض الفنّ للسلام الذي أقيم في مركز ثقافي كفرسوسة احتفاء بيوم السلام العالمي، بمشاركة مجموعة نشطة من الفنانين المشاركين بالمعارض الدورية في المراكز الثقافية من أجيال مختلفة بإشراف م. الفنان محمد دبور.
اتفق الفنانون على أن السلام ارتبط بالأنثى بحمامة السلام البيضاء وبالورود الملونة، في حين لجأ آخرون إلى مشاهد مستوحاة من الطبيعة وأضفوا عليها ألوانهم المبهجة الدالة على السلام والأمان مثل الأخضر والأزرق.
وآخرون دمجوا بين التشخيص والطبيعة بإيحاءات تشير إلى استمرار الحياة بالتوافق والتعاون والسلام.
فتباين التعبير عن السلام الذي ينبعث من داخل الذات الإنسانية سواء أكان رجلاً أم امرأة بأساليب وخطوط بسيطة تماوجت بين الواقعية والتعبيرية مع حضور الخط العربي.
السردية واللون
الفنان والقاص أحمد عساف دمج بلوحته بين السردية الأدبية واللون من خلال مجموعة من وجوه بملامح مختلفة يشيرون إلى أشخاص، يحاولون التكيف بالحياة يحلمون بالسلام الداخلي والمجتمعي بدلالات اللون الأزرق المنسكب على الخلفية وروح المدينة بتقنيات مختلفة.
الشجرة والسلام
أما الفنان غازي القاضي فرمز إلى السلام بشجرة ملتفة الأغصان مورقة بالأوراق الخضراء اليانعة قوية الجذور متمركزة على جانب الممر الضيق المتعرج بانعطافات، تشير إلى صعوبة الحياة.
ورسم بخطوط بسيطة عائلة صغيرة مؤلفة من الأم والأب وولدين يمشون معاً، يتمسكون بيد الأمل بغد أفضل تاركاً مساحات لفضاءات الأخضر والألوان الترابية.
انتظار السلام
أما صريحة شاهين فبدت مشاركتها أقرب إلى المجموعة القصصية برسمها مجموعة شخصيات تأطرت بإطار اللوحات الصغيرة ضمن لوحة الحياة، فعبّرت عن حالات إنسانية تعيشها الأنثى بالحياة الأسرية والعاطفية والعملية يربط بينها خط انتظار الغائب وآلام فقد الولد والأمل بالسلام، اشتغلتها بألوان الإكليريك ومواد أخرى، وقد رسمتها بعد استشهاد ابنها دفاعاً عن الوطن عام 2015
مفردات التراث والسلام
في حين دمجت نجوى الشريف بين مفردات التراث والسلام بوجود الجرة والورود والعود والقطة وحمامة السلام مع تشخيص فتاتين واحدة ترتدي ثوباً لونه أصفر متوهج، والأخرى تزداد تألقاً بالثوب الأحمر، وينسدل منها الشال الأبيض بأسلوب تعبيري على خلفية متناغمة بتدرجات وألوان متتابعة بين الأزرق والأصفر والأبيض بعجينة متماسكة ومتداخلة بتقنيات المزج. وأوضحت بأن الأنثى هي المحور الأساسي في تكوينات لوحتها، وهي الأكثر تأثراً وتأثيراً لأنها ملهمة الطفل والرجل، وحالتها النفسية تنعكس على الآخرين، فهي منبع التفاؤل وقوتها مصدر إلهام لكل من حولها، فإذا كانت تعيش حالة سلام مع ذاتها تنشر الطمأنينة للمحيطين بها، لذلك نحن نحتاج إلى الاهتمام بالمرأة ودعمها وإعطائها حقها بممارسة دورها الفعّال بالمجتمع لقدرتها على التغيير لاسيما إذا كانت تمتلك القرار، وقد مثلت الألوان الحارة حالة الحب والفرح ونبذ العنف.
كما شغلت المنحوتة الرقيقة لرنا الحوري جسدت فيها لأنثى تبتسم بمحبة تحيط بوجهها خصلات شعرها الطويل حيزاً صغيراً في المعرض، وبيّنت بأن منحوتتها تعبّر عن السلام والأمان كون الأنثى هي السلام، وتم تكوينها من الصلصال ثم بالجبص ومن ثم تلوينها بألوان عدة وصولاً إلى تثبيت اللون بطريقة توضح بأن المادة كأنها من البرونز.
السلام من الأسرة
ومع الفنانة رزان كيلاني التي شاركت بلوحة دمجت بها بين تقنية الكولاج والرسم لمزهرية تضم مجموعة من الورود الملونة، برمزية إلى الأنثى التي تنشر عبير السلام والمحبة بالأسرة والمنزل وفي أي مكان توجد فيه، وتابعت: السلام بالنسبة إليّ يبدأ من الأسرة التي تعد الخلية الأولى بالمجتمع لينسحب الإحساس بالسلام على المجتمع ويتوسع ليشمل الدول.
واشتغلت اللوحة على خلفية من قصاصات متعددة من القماش محاكة بشكل يدوي أظهرت فيها القطبة، كونها من مجموعة إبرة وخيط، لأكون أقرب إلى روح المرأة وأنوثتها وشخصيتها وأوصل للمتلقي رسالتي بأنها قادرة على حياكة جراحها.
كما أثنت على أهمية المعارض الجماعية التي يتم من خلالها تبادل ثقافي والتعرف إلى أساليب جديدة تمضي إلى تغذية بصرية من خلال الاطلاع على تجارب المشاركين.