جدار من الإرهاب حول الأقطاب الصاعدة
تقرير إخباري
تتجدّد بشكل متسارع فصول وسيناريوهات الإدارة الأمريكية الساعية لإشباع روحها العدائية التي لم تعد موجهةً ضدّ زعيم أو عدّة زعماء، كالرؤساء الروسي والصيني والبرازيلي والإيراني، بل باتت مع عالم الجنوب بأكمله، وهذا ما يفسّر زيادة جنوح أمريكا الآن نحو سياستها المفضلة في دعم الإرهاب وخلق التوتر وعدم الاستقرار كحاجز يحول دون تطور وتقدّم مشاريع القوى الصاعدة في جنوب العالم التي باتت تنبذ “النظام المبني على القواعد” الذي تحوّل وبالاً على الجميع بمن فيهم الغرب.
تحاول أمريكا حتى آخر لحظة من معركتها لعب أوراقها الخريفية في جميع أرجاء العالم، ولا سيّما أنها تستشعر هلع وجود مؤسسات ومنظمات وكيانات اقتصادية تكسر معادلاتها في الهيمنة والغطرسة على موارد الشعوب.. تلك الشعوب التي أصبحت تقول بالفم الملآن، “لا لسياسة ونظام واقتصاد ورأسمالية الغرب، وحتى أخلاقه”. إذ باتت تفضّل شعارات جديدة تحقق قيم العدل كالشعار الصيني “رابح – رابح”.
وفي سياق بنائها لجدار الحقد والدمار ضدّ تلك القوى تصعّد تلك الإدارة التوترات في إقليم “بلوشستان” في باكستان، وذلك لعدّة أسباب، أولها أن الإقليم يحظى بمكانة إستراتيجية ضمن البلاد ومجرّد إثارة القلاقل ضمنه تعني إثارتها في كل البلاد، وخاصةً أنه يحتوي بداخله ثلاث جماعات إنفصالية مرتهنة لواشنطن والاستخبارات الغربية، وامتهنت الإرتزاق في أفغاستان وفي سورية وغيرها من المناطق متلطية بين الأحياء المدنية الآمنة، يضاف إلى ذلك أهمية هذا الإقليم بربط البلاد مع العالم. أما التوقيت فهو الأخطر، حيث تعمل الحكومة الباكستانية المؤقتة على جمع جميع القوى على إدراك أهمية أن الاستقرار هو المطلب الأول لحلّ مشكلات البلاد، وأنه على كل القوى توحيد قواها نحو هذا الهدف، والعمل معاً على نبذ الإرهاب وتنظيماته، وفي الأسباب الجوهرية أيضاً علينا ألّا ننسى أهمية وحجم الاتفاقيات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية الموقعة بين هذه الحكومة المؤقتة والصين، والتي ستنعكس ازدهاراً ورخاء وقوةً على كلا الطرفين، ووبالاً على أمريكا وأذنابها الاستغلالية في المنطقة.
وللأسف مررنا في الأسبوع الماضي بأيام دمويةً في الإقليم شهدت عمليات إرهابية وتفجيرين متزامنين مع مناسبة احتفالية دينية راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء ورجال الشرطة، حوّلت الاحتفال إلى مأساة حقيقية، والهدف ضرب خطوات الحكومة الانتقالية في تكريس الاستقرار السياسي والأمني، وبالتالي عرقلة أي نوع للاستثمارات الخارجية لا تكون لأمريكا فوائد فيه، وضرب العلاقات الجيدة لباكستان مع الشرق الأوسط.
إن ما يحدث الآن في باكستان رغم خطورته لا بدّ أن يكون مولداً لرفع حالة الوعي وحافزاً لتوحيد الجهود سواء الداخلية أو من قبل الصين أو روسيا أو إيران لاجتثاث هذه الأطواق المدمّرة التي لا تشكل خطراً فقط على باكستان، بل المنطقة بأسرها – إن لم يتم وضع حدّ لها بالأسلوب والزمن المناسبّ.
بشار محي الدين المحمد