التلاعب بإسطوانات الغاز على أبواب الوزارة..!!
علي عبود
لا يمكن لأي مسؤول في وزارة النفط نفي عمليات التلاعب بأوزان إسطوانات الغاز، أو تهريب بعضها، بدليل أن التلاعب يتمّ أيضاً على أبوابها، وتحديداً في الشركات التي يقوم فيها المعتمدون بتوزيع الغاز!
وإذا كان يصعُب على الجهات الرقابية ضبط المعتمدين الذين يوزّعون المادة في ساحات عامة، أو في محلاتهم، ولا تستطيع إلزامهم بالقبان منعاً للتلاعب بأوزان الإسطوانات، فإن من مهام وزارة النفط أن تمنع التلاعب من قبل المعتمدين الذين يوزّعون المادة على أبوابها الرئيسية!
لقد بات بمقدور أي مواطن أن يكتشف تعرّضه للغش والاحتيال بسهولة، فعندما تفرغ الإسطوانة خلال أقل من شهر على الرغم من التقنين باستخدامها، معتمداً على الكهرباء بشكل أساسي كي تصله رسالة الغاز في موعدها قبل نفاد إسطوانته.. فهذا يعني أنه كان ضحية للمعتمدين!.
لم يكن اختيار الكثير من المواطنين لمعتمدي الجهات العامة، وتحديداً وزارة النفط، اعتباطياً، فقد كانوا على يقين بأن هؤلاء المعتمدين لن يجرؤوا على التلاعب بإسطوانات الغاز في مقرّ حكومي، ولكن سرعان ما حدث الغش والتلاعب على الرغم من تشديد وزارة النفط على ضرورة وزن الإسطوانة أمام المواطن!
والحق يُقال إن عمليات التلاعب بإسطوانات الغاز على باب مؤسسات الوزارة، وتحديداً الشركة السورية للنفط لم يحصل إلا بعد تغيير المعتمد، وهذا يؤكد أن المعتمد الجديد كان يمارس الغش والتلاعب منذ سنوات إلى حدّ لم يستطع مقاومة التلاعب حتى في عقر مقرّ وزارة النفط وعلى بابها الرئيسي مباشرة!.
لقد أتيح لي الاستماع لمكالمة خلوية من موزّع غاز مع أحد زبائنه، وقد لفتني ما قاله للزبون: هل تريدها “مليانة”؟.
طبعاً، هو طرح سؤاله لأنه يعرف جيداً أن الزبون “مدسم” وسيشتري إسطوانة “مليانة” مهما كان ثمنها!.
لقد انتشرت منذ سنوات ما يمكن تسميته بتجارة إسطوانات الغاز، وخاصة في الضواحي السكنية، حيث تحول نواطير البناء إلى سماسرة، سواء في العقارات أم بتأمين المحروقات، وخاصة الغاز، أي المادة الأكثر رواجاً، ولا داعي للتلاعب بالإسطوانات هنا، فهي أساساً مغشوشة لأنها نتاج ما تمّ تفريغه من إسطوانات المعتمدين، أي هي أيضاً أوزانها ناقصة!
وأمام هذه الظاهرة التي تتيح للمعتمدين الإثراء على حساب المستهلكين نسأل: ما الحل؟
لا يوجد سوى حلّ واحد وهو ختم إسطوانات الغاز كما كان الحال في سنوات سابقة، ومع ذلك تختلق وزارة النفط الأعذار لعدم ختم الإسطوانات، واستبدلته بالقبان.. فلماذا؟
لم نفاجأ بردّ رئيس جمعية الغاز بريف دمشق، وإنما فوجئنا بعدم الردّ الحاسم لوزارة النفط، وكأنّها لا تريد اجتثاث ظاهرة التلاعب بإسطوانات الغاز!!
حسب رئيس جمعية الغاز، عدنان برغش، فإن “إعادة الأختام إلى إسطوانات الغاز في الوقت الحالي أمر صعب للغاية، إذ حدّت العقوبات الاقتصادية الغربية الظالمة المفروضة على سورية من إمكانية تأمين هذه الأختام”!!
نعم، لم نتفاجأ بهكذا جواب لأنه يخدم مصالح المعتمدين، ولن يُصدّق أحد بأن وزارة النفط غير قادرة على تأمين الأختام لإسطوانات الغاز من خلال تصنيعها محلياً، بل لن تُعدم الوسيلة بتأمينها استيراداً!
والسؤال الأقل أهمية: هل وزارة النفط جادة مثلاً بإلزام المعتمدين بقبان لوزن الإسطوانة أمام المواطن؟
إن عدم وجود قبابين لدى المعتمدين أمام أبواب مؤسّسات وزارة النفط، أو إخفاءها، هو مؤشر على غياب الرقابة، أو التساهل المفرط مع المعتمدين، وهذا ما يشجّعهم على التلاعب بأوزان الإسطوانات أكثر فأكثر!
لقد قالها رئيس جمعية الغاز باستخفاف: “في حال عدم وجود ميزان لدى المعتمد، بإمكان المواطنين تقديم شكوى بحقه”، بدلاً من أن يطلب من شركة محروقات عدم تزويد أي معتمد بالغاز إن لم يكن لديه القبان!
المضحك في الأمر أن مجالس المحافظات تصدر قرارات بزيادة أجور نقل الغاز للمعتمدين في كلّ مرة ترتفع فيها أسعار المحروقات، ما يوحي بأن المعتمدين لا يقومون بعمليات تلاعب بالأوزان، بل يعتمدون على هوامش الربح البسيطة المحدّدة من وزارة النفط!!
الخلاصة: يجب أن تنسق وزارة النفط مع وزارة الصناعة أو وزارة التجارة الداخلية المشرفة على المخترعين السوريين لإقامة خط إنتاجي لتصنيع الأختام لأسطونات الغاز، فظاهرة التلاعب بالإسطوانات والإثراء على حساب ملايين المواطنين، لم يعد مقبولاً، خاصة وأن عمليات التلاعب وصلت إلى أبواب وزارة النفط!!