بين الثانوية والجامعة.. خطوات لم تعبّد بشكل جيد! غياب أنظمة إعداد وتدريب الطالب للانتقال بسلاسة للمرحلة الجامعية
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
تستعد الجامعات السورية الحكومية والخاصة خلال هذا الشهر بعد صدور نتائج المفاضلة الجامعية العامة لاحتضان كوكبة جديدة من الطلبة في سنتهم الجامعية الأولى، وبين الفرحة والخيبة بحسب النتائج سيمضي الطلبة في دراستهم، منهم بشغف ومنهم على مضض حتى الوصول إلى المحطة الأخيرة التي يجهلون ماذا تخبئ لهم!.
مفترق طرق!
في البداية لا بد من الإشارة إلى غياب التنسيق بين وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، فهو ليس في أفضل حالاته، رغم المحاولات في إظهاره بأحسن صورة، لكن أهل الخبرة في التربية والتعليم العالي يؤكدون عكس ذلك، حيث يبدون ملاحظات كثيرة على المناهج المتبعة في المدارس وطرق الامتحان وما يرافقها من عمليات غش تنتج بالمحصلة متفوقين مزيفين، تخدمهم طرق القبول الجامعي التي تعتمد على العلامة، وهي طرق لا تحقق العدالة بين طالب مجد وآخر حصل على درجات بطريقة الغش، والطامة الكبرى أنه ينافس المتفوقين على دراسة الطب والهندسة!.
تجربة وعبرة!
تروي راما /طالبة هندسة مدنية/ أنها ترفعت للسنة الثانية بشق الأنفس، وعللت السبب بالفجوة بين المدرسة والجامعة، حيث لا يوجد –بحسب قولها- أي تمهيد أو تدريب لطلاب المدارس الحكومية للانتقال بسلاسة للمرحلة الجامعية، مشيرة إلى أن المدارس الخاصة لديها مرشدين أكاديميين يمكن أن يقدّموا النصح للطلبة وهم على مقاعد الدراسة الثانوية، وبالتالي يتكون لديهم تصوراً عن تخصصات الجامعة التي تناسب ميولهم ورغباتهم، يزرعون الحافز لدراستها دون خوف من الفشل.
نظام إعداد
في ذات السياق انتقد رئيف محمد /معلم مدرسة متقاعد/ عدم وجود نظام إعداد لطالب المدرسة كي ينتقل بسلام وأمان من المرحلة الثانوية إلى الجامعية، ويشير إلى أن هناك الكثير من الحصص قد تضيع على الطلبة في المدارس الحكومية نتيجة عدم توفر الأساتذة، متسائلاً: لماذا لا يتم استثمارها بتوجيه الطلبة، وخاصة طلبة الثانوية في كيفية اختيار ميولهم ورغباتهم بعد النجاح؟.
قلق وخوف!
,بكمية كبيرة من القلق والخوف ينتظر “محمد” نتائج المفاضلة، وبالرغم من أنه حقق مجموعاً مميزاً يتيح له المفاضلة على كلية الطب البشري، إلا أن غير متأكد من ذلك، مشيراً بحسرة وألم إلى أن أخيه فقد رغبته في دراسة الصيدلة على أجزاء من العلامة!.
وقال محمد منتقداً منهاج الثانوية: من الظلم أن نضيّع عشرات، بل مئات الساعات على مناهج حفظية لا تفيدنا مستقبلاً في دراستنا الجامعية، وإنما هي مواد ثقافة عامة يمكن أن نعوضها من تلقاء أنفسنا في الوقت الذي نريده، مؤكداً أن مواد الثانوية–الفرع العلمي- يجب أن تكون علمية خالصة (رياضيات وعلوم وفيزياء وكيمياء ولغة أجنبية واحدة)، ولا داعٍ للمواد النظرية الأخرى التي تشكل عبء ثقيل على الطالب.
شرح بالتسليك!
الطالبة “خنساء” التي تحلم بدراسة الهندسة المعلوماتية إن حالفها الحظ ولم ترتفع معدلات القبول فيها قالت: للأسف في المدرسة يعلموننا كيف نضيّع الوقت بدلاً من استثماره، مشيرة إلى أن دروس الرياضيات والمواد العلمية الأخرى لا تأخذ حقها من التدريس في المدرسة الحكومية، والسبب برأيها “الدروس الخصوصية” التي يعطيها ذات الأستاذ في المدرسة، متسائلة: لماذا يشرح الدرس في المدرسة بطريقة التسليك، فيما يصبح نشيطاً أثناء الدرس الخصوصي؟!.
غير مبدع!
وقال المهندس المدني أكرم خضر: ما ينقص مدارسنا اليوم هو خطط وطرق وأساليب التدريس الحديثة والمبتكرة، ومن دونها لا يمكن أن يتم تحسين التعليم والتعلم، فالطلبة في المدارس يحتاجون إلى تنمية مهارات وليس لحشو معلومات، وعلى وزارة التربية أن تعي ذلك جيداً في خططها لتطوير المناهج وتحديثها بما يضمن بناء جيل واعٍ ومبدع ويملك المهارات اللازمة للتحليل والفهم، وخاصة عندما يدخل إلى الجامعة ويختار التخصص الذي يناسبه، موضحاً أن غياب هذه الخطط الحديثة التي تفتح آفاق الطالب على المستقبل تجعل الطريق شائكاً إلى الجامعة، التي هي الأخرى غير خالية من المشكلات التي تتعلق بالمناهج والامتحانات والمخرجات التي لا تزال دون الطموح!.
شراكة حقيقية
ويرى معلمون أننا بحاجة إلى شراكة حقيقية بين المدارس والجامعات ، من أجل ضمان وجودة مخرجات المدارس، ومن ثم الجامعات، وخاصة لجهة تقييم المخرج المدرسي، وخاصة أن هناك قصور واضح في تأهيل المعلمين والإداريين الذين يحتاجون لتطوير أدائهم بما يحقق التنمية المهنية للمعلمين وتقليص الفجوة بين المدارس والجامعات، فالمدارس تحتاج لتحسين الأداء في برامجها التعليمية وتحديث أو تطوير مناهجها بشكل مستمر، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بالشراكة مع الجامعات، فمثلاً الشراكة بين كليات التربية والمدارس تسهم في تحقيق العديد من الفوائد للطلبة ومعلميهم، متسائلين: لماذا لا يلقى هذا الجانب المزيد من الاهتمام بين وزارتي التربية والجامعة؟.
بالمختصر، نحن بأمس الحاجة اليوم لمنظومة تعليميةبشقيها التربوي والجامعي ترقى إلى مرتبة الأنظمة التعليمية العالمية، قوامها مناهج تعليم عصرية في المدارس وصولاً إلى الجامعات التي لا تزال للأسف تعتمد على الحفظ البصم رغم كل ما يحكى عن تقدم تصنيفها عالمياً!، كما نحتاجبرامج تدريب تحاكي حاجات ومتطلبات سوق العمل داخل سورية وخارجها، بالمحصلة نحتاج إلى شراكة حقيقية بين المدرسة والجامعة .. شركة باتت حتمية بالنظر للمعطيات الجديدة في مسار التعليم، وضرورة التخلص من المعوقات التي بدأت تطفو على السطح وتحتاج إلى حلول لضمان مخرجات جيدة مدرسياً وجامعياً.