مجلة البعث الأسبوعية

ما هي أسباب فقدان الوزن لدى كبار السن؟ وماذا نفعل إن تدهورت الحالة إلى سوء التغذية الشديد؟  

“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدرا

تتغير أجسامنا مع التقدم ​​في السن، حيث يميل بعض الأشخاص إلى زيادة الوزن، بينما يذوب البعض الآخر بشكل واضح. هل هناك علاقة بين فقدان الوزن والتقدم في السن؟ وكيف يمكن عكس منحنى الوزن أو تثبيت فقدان الوزن للحد من المخاطر الصحية؟ تلك خلاصة لقاء مع الدكتورة عناية عبد الباقي، أخصائية التغذية والطب المورفولوجي ومكافحة الشيخوخة.

 

لماذا نفقد الوزن مع تقدمنا في العمر؟

“من منظور بيولوجي، الشيخوخة هي نتاج تراكم مجموعة واسعة من التضررات الجزيئية والخلوية مع مرور الوقت، وهو ما يؤدي إلى تدهور تدريجي في القدرات البدنية والعقلية، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، وأخيرا الموت”، كما تذكر منظمة الصحة العالمية. ومن هذه الملاحظة، يمكن للشيخوخة أن تفسر مشكلة الوزن، سواء كانت زائدة أو غير كافية.

فمع التقدم في السن، تضعف عملية التمثيل الغذائي. وبسبب مجموعة من العوامل (البيئة المعيشية، وعادات الأكل، وكثافة النشاط البدني، وما إلى ذلك)، فإن بعض الناس سوف يفقدون الوزن – توضح الدكتورة عبد الباقي – مضيفة أن فقدان الوزن هذا قد يؤدي أيضاً إلى فقدان الدهون، و/ أو العضلات، و/ أو كتلة العظام. وتتابع: “إن فقدانك الوزن مع تقدمك في العمر ليس أمرا حتمياً، بل سيعتمد حقاً على طبيعة كل فرد. وباختصار: قد يلحظ شخص يبلغ من العمر 60 عاماً، على سبيل المثال، خسارة 10 كيلوغرامات مع تقدمه في السن، بينما يبقى وزن شخص آخر، من العمر نفسه، شبه ثابت (قريباً من وزنه عند عمر 40 عاماً +/- 5 كيلوغرامات).

 

ما هي أسباب فقدان الوزن لدى كبار السن؟

يمكن للتغيرات الفسيولوجية للشيخوخة أن تؤدي إلى إضعاف الحالة التغذوية، “فمع تقدمنا ​​في العمر، يمكن أن تؤدي الإعاقات الحسية، مثل انخفاض حاسة التذوق، أو الشم، أو كلتاهما، إلى انخفاض الشهية والعطش، وبالتالي فقدان الوزن في بعض الأحيان”، توضح الدكتورة عبد الباقي.

كما إن “انخفاض الوظائف الإدراكية يمكن أن يحد من الحركة ويؤثر على قدرة كبار السن على القيام بالتسوق، وبالتالي إعداد وجبات متوازنة، ولكن أيضاً ببساطة قدرتهم على التحرك. وبالتالي، سيكون لديهم شهية أقل بسبب نشاطهم البدني الأقل”، تتابع طبيبة الدكتورة عبد الباقي.

تشير منظمة الصحة العالمية في تقاريرها عن الشيخوخة والصحة إلى أن “سوء صحة الفم ومشاكل الأسنان – ما يمكن أن يؤدي إلى مصاعب في المضغ – إضافة إلى التهاب اللثة واتباع نظام غذائي رتيب رديء الجودة، يمكن أن يتسبب أيضاً في زيادة فقدان الوزن”.

بالإضافة إلى التغيرات البيولوجية، قد ترتبط الشيخوخة أيضاً بالتغيرات النفسية والاجتماعية والبيئية، مثل العزلة والوحدة (فقد المزيد من الأحباب بسبب التقدم في السن)، والاكتئاب، أو نقص الموارد المالية، والتي يمكن أن يكون لها أيضاً تأثيرات كبيرة على تغذية الأشخاص وخسارة وزنهم.

 

ما هي المخاطر الصحية الرئيسية لفقدان الوزن مع تقدم العمر؟

يمكن للنحافة لدى الأشخاص في عمر معين أن تضعف عملية التمثيل الغذائي على مستويات مختلفة. و”أحد المخاطر الرئيسية لذلك هي هشاشة العظام، وهو مرض عظمي يتميز بتدهور أنسجة العظام وضمور العضلات الذي يتميز بانخفاض كتلة العضلات وقوتها إلى ما هو أبعد من عتبة معينة”، كما تقول الدكتورة عبد الباقي، المتخصصة في طب الشيخوخة.

ومن ثم فإن هذه العوامل تهدد بإضعاف الأفراد المسنين الذين يتعرضون لخطر فقدان توازنهم والسقوط، وحتى كسر بعض أطرافهم، مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من عواقب وخيمة في بعض الأحيان: الاكتئاب بسبب استحالة أو صعوبة الحركة (الخروج من المنزل، الذهاب إلى الحديقة، التسوق.. إلخ).

وقد يكون كبار السن الذين يعانون من النحافة أيضاً أكثر حساسية للجفاف وانخفاض حرارة الجسم وارتفاع الحرارة.

 

هل من الممكن عكس منحنى الوزن مع التقدم في السن وكيف؟

في كثير من الحالات، لا يكون الآوان قد فات بعد لعكس الاتجاهات، وهذا صحيح أيضاً في إدارة الوزن “شريطة أن تتحمل المسؤولية بشجاعة: في هذا العمر، لن تكون الرغبة البسيطة في تصحيح مشاكل الوزن كافية. علاوة على ذلك، سيكون من المستحسن النظر في الرعاية متعددة الأبعاد، كما تقول الدكتورة عبد الباقي، والتي هي على الشكل التالي:

 

– النظام الغذائي الملائم: “يعتقد بعض كبار السن أن وجبة الإفطار مع شريحة من الجبنة، مصحوبة بكوب من الشاي، كافية لصرف وتغطية احتياجاتهم اليومية من الطاقة، لكن لا. إنها غير كافية وتخاطر بالتسبب بنقص في العناصر الغذائية (الفيتامينات والمعادن.. وما إلى ذلك)، على المدى الطويل”، كما تحذر الدكتورة عبد الباقي. وفي حالة عدم وجود شهية أفضل لتناول المزيد من الطعام، يجب تقديم الطاقة والبروتين لهم عن طريق تناول المكملات الغذائية عن طريق الفم. ويمكن العثور عليها في الصيدليات، على شكل مشروبات أو شوربات بنكهات مختلفة (مالحة، محلاة). ويرجى ملاحظة أن المكملات الغذائية الفموية لا ينبغي أن تحل محل الوجبات، ويجب تناولها كوجبة خفيفة خارج الوجبات، ويفضل أن يكون ذلك بوصفة طبية.

 

– زيادة النشاط البدني: بعيداً كل البعد عن فكرة البدء بسباقات الماراثون أو الممارسة الرياضات المجهدة! “ومع ذلك، فإن العمر، ما لم تكن هناك موانع طبية، لا ينبغي أن يكون عائقاً أمام الحركة”، تصر الدكتورة عبد الباقي.

ليس هناك نقص في الأفكار للمضي قدماً؛ بدءاً من تقليل الوقت الذي نقضيه أمام التلفزيون، أو الاستيقاظ أكثر بحجة الذهاب لتناول كتاب من المكتبة أو تحريك شيء ما في الصالون أو المطبخ، على سبيل المثال. ولكن أيضاً (أعد) البدء بصعود الدرج بدلاً من استخدام المصعد. ماذا لو كنت خائفا من السقوط؟ تؤكد الدكتورة عبد الباقي: “اتخذ مثل هذه الخطوات داخل منزلك أو في الأماكن العامة، فهذه أماكن يمكن أن نجد فيها من يقيلنا في حال سقوطنا”.

ولا تنسى الحيوانات الأليفة! إنها مثالية لتمكين نفسك وإجبار نفسك على إخراجها عدة مرات في اليوم (إذا كان كلباً). تقول الدكتورة عبد الباقي: “بالإضافة إلى الحصول على بعض الهواء النقي، فإن المشي سيساعد في الحفاظ على قوة العضلات”، و”في حالة صعوبة ذلك، لا تتردد في استخدام العصا أو الـمشاية “ووكر”، فهي مصنوعة لذلك”.

وإن احتاج الأمر، لا تتردد في طلب المشورة من طبيبك المعالج الذي يمكنه تقييم حالتك البدنية وتوجيهك إلى النوع المناسب لك من النشاط البدني.

أخيراً، للحصول على المساعدة، يمكن لكبار السن أيضاً الاعتماد على دعم الأخصائيين الاجتماعيين، والمراكز المحلية للأشخاص ذوي الإعاقة التي تتولى مهمة دعم الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً.

 

ماذا نفعل إذا تفاقمت حالة النحافة (سوء التغذية الشديد)؟

“في حال فشل التدابير الغذائية والرعاية الصحية الشاملة، يجوز للطبيب المعالج، إذا رأى أن نقص التغذية بلغ مستويات خطيرة، أن يضع المريض في المستشفى لإنشاء التغذية المعوية (بفضل مسبار يوضع في المعدة أو في الجهاز الهضمي أو الأمعاء الدقيقة). وإذا كان ذلك مستحيلاً، فيمكن تصور التغذية بالحقن عن طريق إعطاء المحاليل الغذائية عن طريق الوريد”، كما تشير موقع الصحة العامة.

 

كيفية الوقاية وتشخيص فقدان الوزن مع تقدم العمر؟

وحتى لا نصل إلى هذه الحالة من نقص التغذية الشديد، سيكون من الضروري منع النحافة وتشخيصها في أسرع وقت ممكن.

للقيام بذلك، وعلى الرغم من أن العين المجردة تسمح، في كثير من الحالات، بملاحظة أن الشخص يفقد الوزن (ملابس فضفاضة جداً، ونحافة الأطراف، وفقدان الطاقة.. وما إلى ذلك)، إلا أن هناك تقييمات متعمقة لتقييم عملية التمثيل الغذائي.

قياس الجسم البشري:

قياس الجسم البشري هو “التقنية القابلة للتطبيق عالمياً، وغير الجراحية، والتي تتيح تقييم سمنة الجسم البشري ونسبها وتكوينها من أجل منع، على سبيل المثال، نقص الوزن لدى البالغين فوق 60 عاماً. وتذكر منظمة الصحة العالمية في تقرير عبر الإنترنت “إن القياسات البشرية هي انعكاس للحالة التغذوية والصحية، ولكن يمكن استخدامها أيضاً للتنبؤ بقدرات المريض، وحالته الصحية، وبقائه على قيد الحياة”.

اختبارات الدم:

ستكون اختبارات الدم مفيدة للتحقق من مستويات الهرمونات أثناء انقطاع الطمث، أو إياس الذكور، من بين أمور أخرى، ذلك أن الهرمونات يمكن أن تؤثر على إدارة الوزن.

 

تقييم النظام الغذائي:

سيتمكن الطبيب العام من تقييم وزن المريض من خلال إجراء اختبار تقييم النظام الغذائي. ورغم أن هناك العديد من الخيارات المتاحة على الإنترنت، إلا أن من المستحسن القيام بذلك مع طبيبك الذي سيكون قادراً على إجراء تشخيص طبي، مع الأخذ في الاعتبار الحجم أو العمر أو الوراثة أو التاريخ الطبي أو مستوى النشاط البدني لدى المريض.

 

كيف يتم اكتشاف سوء التغذية لدى كبار السن فوق الـ 70 سنة؟

يتطلب تشخيص نقص التغذية بعد سن السبعين وجود ما لا يقل عن معيار مظهري واحد ومعيار مسببي واحد.

المعايير المظهرية:

  • فقدان الوزن بمقددار 5% في شهر واحد، أو 10% في 6 أشهر، أو 10% مقارنة بالوزن المعتاد قبل ظهور المرض.
  • مؤشر كتلة الجسم,
  • ضمور العضلات المؤكد.

المعايير المسببة (معيار واحد يكفي):

  • انخفاض تناول الطعام بنسبة 50% لأكثر من أسبوع واحد، أو أي انخفاض في تناول الطعام لأكثر من أسبوعين، مقارنة باستهلاك الغذاء المعتاد أو متطلبات البروتين والطاقة.
  • انخفاض الامتصاص (سوء الامتصاص / سوء الهضم).
  • الحالة المرضية (مع أو بدون متلازمة التهابية).

في النهاية، ونظراً لأن فقدان الوزن غالباً ما يكون متعدد العوامل لدى كبار السن، فإن من المستحسن طلب المشورة الطبية في حالة ظهور علامات النحافة.