الأمور مرهونة بخواتيمها..!؟
وائل علي
تكاد تقتصر حركة مسؤولينا على اختلاف المهام المسندة إليهم على أجندة اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ مكثّفةٍ ومزدحمةٍ واتصالاتٍ هاتفيةٍ متتاليةٍ لا تهدأ ولا تنقطع – بمعنى وبلا معنى – وأعمالٍ مكتبيةٍ لا تنتهي وزياراتٍ واستقبالاتٍ رسميةٍ وغير رسمية تَسرِقُ منهم “مُجتمِعةً”، وتأخذُ جُلّ وقتهم حتى تكاد الساعات الأربع والعشرون تضيق ولا تتسع، ما يوصلهم حدّ الإجهاد وقلة التركيز والإنتاج الفعلي المثمر مقارنةً بالوقت الذي تستحوذ عليه، إذا أخذنا بعينِ الاعتبار أنّ الأمورَ مرهونة بخواتيمها…
فَتَرؤّسِ وحضور ومتابعة الاجتماعات واللجان يفترض أن تكون المحطة الأخيرة والجزء البسيط من العمل المطلوب ولا يُعولُ عليه كثيراً، ونَفَسُهُ يظلُ قصيراً حتى تكادُ مفاعيلُه تتبخر قبل الخروج من باب العتبة، فيما الجولات والزيارات الميدانية الحِسّيةِ على أرضِ الواقعِ المحسوبةِ والمدروسةِ بموعدٍ وبلا موعد “المفاجئة” أكثرَ جدوى وأمضى للوصول للغايات والأهداف، وتجعلهم أقرب إلى الناس والواقع، بعيداً عن العشوائية والارتجال و”البروباغاندا” الفارغة..
فيما تظلُ اللقاءاتُ والندواتُ والحواراتُ التلفزيونية والصحفية والمكاشفة المباشرة بين المواطن والمسؤول هي صلة الوصل التي تُقرّب المسافات بينهما ويبنى عليها ويُعتدُّ بها..
ولدينا من الأمثلة الكثير مما يكشف فشل وعجز “الاجتماعات” التي جرت وتجري عن بناء معملٍ واحدٍ للعصائر والمكثفات الحامضية أو فتحِ سوقِ تصديريةٍ ثابتةٍ نحو الأسواق الخارجية فيما الأسواق الداخلية متخمة بإنتاج “خاسرٍ” لا تجد من يشتريه ويتسوقه ففضّل أصحابه تركه يتساقط “تحت أمه” كما يقال!
وذهبنا الأصفر ونعني به زيتوننا الأخضر ليس بأفضل حالٍ، ولم تنقذه الاجتماعات من السقوط في مستنقع التنظير عن بعد، وهذا ما جعله عرضة لتقلبات وجنون الأسعار التي تجاوزت عتبة المليون ونصف لعبوة العشرين ليترا، قبل توقف تصديره وبدء انتاج الموسم الجديد وتراجعه إلى النصف، ما يعني بشكل أو بآخر أننا أمام خللٍ واضح في قدرتنا على المعادلة والمواءمة بين السوق التصديري والمحلي فلا يموت الديب ولا يفنى الغنم!
وكذا الحال لباقي منتجاتنا الزراعية، كالفستق الحلبي والعبيد والصنوبر والجوز، والبهارات المنتجة محلياً كالكمون وحبة البركة والسماق، وحتى معجون البندورة وعبوات المياه المعدنية والحليب والأجبان والألبان والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء والزيوت النباتية التي جُنَّ جنونها بعد أن جعلتها القرارات المكتبية حلماً.. وهكذا!
نحن لا ننكر التكاليف المرتفعة الباهظة، لكننا ندرك ترهل وتراخي قراراتنا وضبابية رؤيا “الاجتماعات” التي تصدرها حتى لا نقول كلاما آخر يكيل الاتهامات للتجارة الداخلية والاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية والصناعة ومالف لفها، ما يدل على تخبط قراراتنا وعدم صوابيتها في كثير من المطارح، وعدم قدرتها التوفيق بين الانتاج والتسويق والتصنيع، ما جعلها تبدو قاصرة ودون المستوى المطلوب، ولا تلبي الحاجة وتحتاج لتحديث مستمر!