نجوم مضيئة في السماء
غسان فطوم
بغمضة عين تبعثرت وتلاشت لحظات الفرح المنتظرة وتحولت إلى غصّة خنقت الحلوق، وألم كبير، وحزن عميق لحظة الاعتداء الإرهابي الجبان على حفل تخرج طلبة الكلية الحربية في حمص أول أمس، جريمة نكراء أسفرت عن ارتقاء عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين ووقوع عشرات الجرحى في مشهد مؤلم أعاد للأذهان جريمة مدرسة المدفعية التي وقعت في يوم 16 حزيران من عام 1979، في منطقة الراموسة في مدينة حلب، وأسفرت عن استشهاد 82 طالباً من طلاب المدرسة، وإن اختلف التاريخ، والمكان بين الماضي والحاضر لكن يد الإجرام واحدة وهم عملاء وأدوات المحتل الذي يريد النيل من نسيج الشعب السوري وتقسيم أرضه ونهب خيراته.
يا حسرة قلوب الأمهات المفجوعات بأبنائهن لم يستطعن أن يغمرن بأحضانهن الدافئة فلذات أكبادهن والمباركة لهم بالتخرج، ولم يستطع الآباء الذين صرخوا بألم وبكوا الشدّ على أيدي أبنائهم الرجال وطبع قبلة الفخر على جبينهم، ولا الأخوة والأخوات تمكنوا من أخذ صورة تذكارية بابتسامات بريئة وجميلة للحظة انتظروها طويلاً.. يا خجلة الفرح بدموعهم “ما لحقوا يفرحوا سوا”.
المصاب كبير، أبكى القلوب قبل العين، فالجريمة المروّعة تأتي بعد هدوء شهدته محافظة حمص وريفها الكبير لأكثر من عامين، فهي من أكثر المحافظات السورية التي تم استهدافها ومحاولة إسقاطها، لكنهم فشلوا بفضل صمود أهلها، الذين رفضوا كل أشكال التحريض وحملات التفرقة، فحموا أرضهم وصانوا عرضهم ووقفوا إلى جانب جيشهم لتبقى حمص، وسورية بكامل جغرافيتها شوكة في حلوقهم.
وإذا كانت “الحياة حجرة من الآلام”، لكن تضحياتكم ودماءكم هي فسحة النور والأمل الكبير الذي سنطل منه على نافذة النصر والخلاص من رجس الإرهابيين والقضاء على كل محتل لشبر من أرضنا.
بكينا عليكم دماً، فالفاجعة أكبر مما تتصوره عين ويتحمله قلب.. ربّنا أنزل برد لطفك على قلوب الأمهات والآباء المفجوعة بفقد أبنائهم.. ارقدوا بسلام في جنات الخلد، فأنتم نجوم مضيئة في السماء، سنستمد من نورها القوة والعزيمة والصبر على الآلام والجراح ونعدكم أن دماءكم الطاهرة لن تذهب سدى، فالرد قادم وبقوة وحزم على الإرهابيين ومن يدعمهم ويقدم لهم العون، فالاحتلال والإرهاب إلى زوال والشعوب باقية.