“طوفان الأقصى” تجرف بقايا أسطورة “جيش لا يقهر”
تقرير إخباري
أعادت فصائل المقاومة الفلسطينية تذكير قادة كيان الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه بهزيمتهم المذلة في حرب تشرين التحريرية، بأكثر الطرق إذلالاً وإهانة في تاريخ جولات الحرب بين الكيان وفصائل المقاومة الفلسطينية، فبعد خمسين عاماً ويوم على ذكرى “تشرين التحرير”، جاء “طوفان الأقصى” وجرف في طريقه بقايا أسطورة “جيش لا يقهر”، وأحيا آمالاً بالتحرير القريب لكامل تراب فلسطين، وأعاد زرع الابتسامة على شفاه أحرار فلسطين والعرب والعالم، وأثب صحة خياراتهم، وعزّز من حججهم في احتضان المقاومة وسيلةً لاستعادة الحقوق.
المفاجأة التي تعرض لها كيان الاحتلال وانهيار أسوار ودفاعات كلفت مليارات الدولارات، أمام رجال عبروا من خلال طائراتٍ شراعية ودراجاتٍ نارية و حتى راجلين، أدت إلى صدمة كبيرة على كافة المستويات السياسية والأمنية والاستيطانية، فقواعد الاحتلال التي كانت في الأمس تطوق غزة وتضرب كل ما يتحرك فيها، أصبحت تحت أقدام المقاومين، وأمسى جنودها قتلى وأسرى وآلياتها ودباباتها أحرقت ودمرت، وصرخات المستوطنين وصلت أسماع بنيامين نتنياهو العاجز كرجاله عن القيام بأي رد فعل فبعد عدة ساعات على بدء “الطوفان” لم يكن المحتلون قد استوعبوا أن الفلسطينيين حرروا أراضيهم للمرة الأولى منذ عام 1948.
أما الصدمة والشعور بالخذلان الذين انتابا المستوطنين الإسرائيليين وهم يشاهدون أقرانهم في “سديروت وبئيري وكفار عزة وكفار سعد وعسقلان وغيرها” يُقادون أسرى إلى داخل قطاع غزة، فقد حوّل غضبهم إلى قيادتهم السياسية والعسكرية، ووضع أمامهم تصورات وأخيلة لم تراودهم في يومٍ من الأيام، أنه قد يكون مصيرهم مشابهاً لمغتصبي “غلاف غزة”، فهم باتوا يعلمون أن لا ” جيشهم” ولا الـ “قبةً حديدية” ولا الـ “شاباك” أو الـ “موساد” قادرون على ضمان أمنهم وحمايتهم، وسيكتشفون في قادم الأيام أن خياراتهم أصبحت محدودة وأنه لا يمكنهم البقاء على أرضٍ ليست لهم، ومواجهة شعبٍ آمن بقضيته وحتمية انتصاره.
على المقلب الأخر، أثبت المقاومون أن من يؤمن بحقه وقضيته قادر على فعل المستحيل، وهو ما حدث حرفياً، ففي الوقت الذي كان يراقب كيان الاحتلال حدوده الشمالية بترقب وحذر شديدين، فاجأه المقاومون من الجنوب ووصلوا إلى عمق الأراضي المحتلة، وقتلوا واعتقلوا كبار ضباطه وقادته الأمنيين، ممن تمكنوا من الوصول إليهم، بمعلومات كانت معدة مسبقاً، وبخطة محكمة، تطلب التجهيز لها حكماً أياماً وأشهراً، دون تمكن الاحتلال وأجهزته الأمنية من كشفها مسبقاً أوصدها، وهنا كانت الهزيمة المدوية.
تنفس الفلسطينيون والعرب الصعداء عقب “الطوفان”، وشعروا بأن التحرير الكامل أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأن القدس المحرّرة والموحدة ستكون عاصمة فلسطين الحرة قريباً، أما أسرى فلسطين فقد ناموا قريري الأعين للمرة الأولى منذ سنوات، فهم على موعدٍ مع الحرية، وهم يعلمون أنه أصبح لدى رفاق دربهم في المقاومة عددٌ كبير من المستوطنين الأسرى، الذين سيكون لإطلاق سراحهم ثمن كبير جداً.
إذاً لم يكن مستغرباً أن يختار الفلسطينيون الذكرى الخمسين لحرب تشرين التحريرية لإطلاق عملية تحرير الأرض والأسرى فهذه الحرب خالدة في وجدانهم ووجدان العرب جميعاً، وكما دمر الجيشان السوري والمصري أسطورة الجيش “الذي لا يقهر” فإن المقاومة كنست بقايا هذه الأسطورة.
إبراهيم ياسين مرهج