“طوفان الأقصى”.. المقاومة مستمرة
ريا خوري
لم يتوقَّف الكيان الصهيوني الغاصب يوماً عن ممارسة الاعتداءات والقمع ضدَّ الشعب العربي الفلسطيني، فكان يُمارس جميع الانتهاكات اللا إنسانية ضد النساء والشيوخ الأطفال، وينتهك الأماكن المقدسة والبيوت وأملاك الشعب الفلسطيني دون أيِّ رادعٍ، ولم يلتزم بأيّ اتفاق أو معاهدة دوليّة، حتى أنّ التحذيرات العربية والدولية من انفجارِ الأوضاع في الأراضي الفلسطينية أصبحت أمراً واقعاً، حيث إنّ الشعب العربي الفلسطيني لم يَعُد يحتمل تلك الانتهاكات المستمرّة.
استفاق العالم أمس على أخبار هجوم مباغِت شنّته فصائل المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الصهيونية التي تشكّل ما بات يُعرَف بـ “غلاف غزة”، في عمليةٍ لم يشهدها الكيان الصهيوني من قبل، الذي ردَّ بقصفٍ عنيف جداً استهدف قطاع غزة وخلّف مئات الضحايا على قتل وأسر عدد كبير من الضباط والجنود الصهاينة خلال ساعات معدودة، بينما تشهد الضفة الغربية حالة غليان كبير وغير معهود اختلطت فيه التظاهرات الفلسطينية بهجمات المستوطنين الوحشية العشوائية.
ما جرى هو تأكيد على استمرار دوّامة القلق وعدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة، والتي وصلت إلى حدّ الردّ العنيف الذي سيجرّ المنطقة لا محالة إلى حالةٍ من العنفِ تهدِّد بجرّ المنطقة برمّتها إلى عدم الاستقرار مجدّداً، وهي نتيجةٌ حتمية لتجاهل القرارات والقوانين الشرعية الدولية ونداءات السلام من جميع دول العالم الحر، وتأتي تلك الدوامة في سياق التصعيد الصهيوني المستمر منذ فترةٍ طويلة، وأذكته مؤخراً اقتحامات قطعان المستوطنين المتكرِّرة للمسجد الأقصى المبارك، ومداهمة مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية، وخاصة الأماكن المقدّسة في الخليل والاعتداء السافر على الفلسطينيين والحرم الإبراهيمي الشريف، وما رافقها من ضحايا وهدم للمنازل وأملاك الفلسطينيين ونهب للأراضي الفلسطينية وسرقتها.
التصعيد المفاجئ الذي يشهده الكيان الصهيوني والأراضي الفلسطينية هو منعرج حاسم في تاريخ هذا الصراع المرير، ومفصل مهمّ من مفاصل النضال الوطني الفلسطيني، فإما أن تتغيّر القواعد والأسس القديمة القائمة على العنف وسفك الدماء والتخريب والتدمير الصهيوني الممنهج وتولد قناعات جديدة مبنية على الشرعية الدولية تؤمن بقيم التعايش والاستقرار والأمن والأمان، وإما أن ينهار كلّ شيء ونعود إلى المربَّع الأوَّل، فالفلسطينيون يؤكدون يومياً أنهم ضاقوا ذرعاً بالسياسات الصهيونية الوحشية المتطرفة، التي لم تعد تقيم لهم وزناً ولا تعترف لهم بأي حق من حقوقهم المشروعة.
وبالمقابل تمعن الحكومات الصهيونية اليمينية المتعاقبة في شطب كلّ ما هو فلسطيني، وتلغي حقوقه من خلال الممارسات الوحشية والجرائم التي ترتكب بحقه يومياً، على الرغم من أن هذه الرؤية ضيقة وقاصرة، ولا تتوافق مع الثوابت الإنسانية وحقوق الإنسان، فضلاً عن أنها تسير عكس جميع التيارات الدولية وتناقض نظاماً دولياً جديداً يتشكل بسرعة تكون الصين وروسيا ودول البريكس مساهمة فيه، وقد لا تجد فيه الحظوة والتغاضي والدعم الذي كان يتلقاه لعقود طويلة، وسيدفع الكيان الصهيوني الغاصب بذلك ضريبة فادحة لعرقلة السلام وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة.