مجلة البعث الأسبوعية

ارتفاع أسعار الإسمنت ينهي الأحلام بامتلاك بيت! كارثة الزلزال لم تنهِ المخالفات السكنية!

البعث الأسبوعية – ميس بركات

لم تستطع كارثة الزلزال وما تبعها من آثار ناجمة عنه إيقاف المد المتلاحق لأسعار العقارات التي كان للناجيين من هذه الكارثة حاجة ماسة لها، ولأي سقف يأوي عائلاتهم بسعر يتناسب مع الإعانات المادية التي قُدمت لهم، إذ لا زال الكثير من هذه العائلات يبحث إلى اليوم “بسراج وفتيلة” عن بيت للإيجار بسعر مقبول ريثما تنهي الحكومة ملف سكنهم، إلّا أن الارتفاعات المتلاحقة لأسعار مواد البناء جعلت حتى استئجار غرفة يحتاج لعمليات حسابية لها بداية وليس لها نهاية خاصّة مع شروط مالكي العقارات بدفعات سنوية أو نصف سنوية مسبقة “بالملايين” في وقت لا يتخطى راتب الموظف الحكومي حدود الربع مليون حتى اليوم رغم الزيادة الأخيرة التي طرأت على الرواتب.

 

أمر طبيعي!

وعلى الرغم من أن أسعار العقارات لا زالت ترتفع مع مطلع كل ارتفاع لسعر الصرف غير آبهة بانخفاض سعره وضرورة محاكاة هذا الانخفاض، إلّا أن أهل الاختصاص يجدون بهذا الارتفاع أمراً طبيعياً، في حين أن انخفاض الدخل والقوة الشرائية للمواطن هي التي تجعل من امتلاك عقار خلال السنوات العشر الأخيرة أمراً مستحيلاً لهذه الفئة، مؤكدين أن قرارات الحكومة برفع سعر الاسمنت والحديد لا تؤثر على سعر العقار بنسبة أكبر من 25%، أما الغلاء الأساسي فهو محصور بسعر الأرض القائم عليها العقار، إذ يرى الخبير العقاري عمار يوسف أن قرار رفع سعر الاسمنت الأخير  ليصبح 1.760.000 ليرة سيكون تأثيره على سعر العقارات في حدوده الدنيا لاسيّما وأن سعر مواد البناء لا زالت أقل من ارتفاع مستوى التضخم، ونفى الخبير العقاري ارتفاع أسعار العقارات بالشكل الذي يُروّج له في صفحات الأخبار، بل على العكس فإن أسعارها منخفضة أكثر من 30% عما كانت عليه قبل الحرب إذا ما تم حسابها وفق سعر الصرف آنذاك، لافتاً إلى أن الجمود في حركة بيع وشراء العقارات يتجه نحو الازدياد.

 

دعم حوامل الطاقة

في المقابل تحدث خلف حنوش “رئيس الاتحاد المهني لنقابة عمال البناء عن وضع شركات الاسمنت العاملة اليوم والتي وصفها بأنها بأفضل حالاتها الفنية وتعيد تأهيل خطوط الإنتاج بكوادرها المحلية وتصل إلى الأرقام التصميمية للعملية الإنتاجية، أما فقدان مادة الاسمنت وارتفاع سعرها في السوق السوداء يأتي نتيجة ارتفاع حوامل الطاقة “الفيول والكهرباء”، إضافة إلى ارتفاع سعر المازوت الصناعي والمواد الأولية الداخلة بالعملية الإنتاجية، ولفت حنوش إلى المطالبات المستمرة من قبل الاتحاد المهني لزيادة الدعم فيما يتعلق بحوامل الطاقة لتجنب الشركات الخسائر وتستطيع الاستمرار بالعملية الإنتاجية المثلى بما يحقق تأمين مستلزمات السوق وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للعمال من خلال الحوافز الإنتاجية حيث يشهد القطاع تسرب الأيدي العاملة الخبيرة نتيجة تدني الأجور وهي من الصناعات الثقيلة وذات طبيعة عمل شاقة، وأشار رئيس الاتحاد المهني إلى أن الخطوة الأساسية لتلافي رفع الأسعار تكون بتدخل الدولة الايجابي لدعم حوامل الطاقة مما سيؤدي لدعم المواطن لنتمكن من إعادة ما دمره الزلزال والإرهاب والعودة بهذه الصناعة إلى تاريخها وعراقتها المشرقة ولتبقى سورية الرائدة بهذه الصناعة بما تمتلكه من خبرات وكوادر وما قام به عمال عدرا من ابتكارات وتأهيل للخطوط  هو مثال يحتذى به.

 

مخالفات بالجملة

ولم تختلف وجهة نظر أصحاب المكاتب العقارية عن رأي المعنيين في دوائر الدولة، إذ لم يجد محمد خالوصي “صاحب مكتب بيع وتأجير العقارات” أي وميض أمل في المستقبل القريب والبعيد لانخفاض سعر العقارات في سورية، مشيراً إلى أن حركة البيع والشراء نشطت خلال شهري الصيف بشكل طفيف على عكس ما جرت العادة عليه، فأصبح ادخار الذهب والدولار أفضل من شراء عقار بالنسبة للمغتربين لاسيّما بعد كارثة الزلزال، ومع ذلك ارتفعت أسعار العقارات خلال الفترة الماضية بشكل كبير بحجة ارتفاع سعر الصرف وأسعار المواد الداخلة بالبناء لدرجة وصلت بالبعض من مالكي العقارات المطالبة بقبض ثمن عقاراتهم “بالدولار” بشكل سري واتفاق بين الطرفين، لافتاً إلى استغلال أصحاب العقارات موسم الصيف وزيارة السوريين المغتربين للبلد، لافتاً إلى  أن الواقع سيئ لدرجة كبيرة، وهناك مشروعات عقارية من الصعب إنجازها في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، فالركود يخيم على بيع العقارات خلال الأشهر الأخيرة وتقتصر عمليات البيع الحالية على من يريد أن يأكل ويشرب ويسدد ديونه، باستثناء العقارات المباعة من أجل تجميد الأموال، ولم ينف خالوصي أن كارثة الزلزال لم تُنه مخالفات البناء والتي للأسف لا زالت مستمرة في الكثير من المطارح رغم التشديد والرقابة الزائدة من قبل الجهات المعنية على المشاريع الإنشائية إلّا أنها لا تستطيع ضبط جميع المخالفات والتي وصلت في السنوات الماضية إلى نسبة تجاوزت الـ 80% من الأبنية المخالفة  سواء للشروط الفنية أو للمناطق المسموح بالبناء، لافتاً إلى عدم استطاعة أي أحد على التنبؤ بعودة الحركة إلى سوق العقارات، خاصّة وأن الطلب اليوم يقتصر على الإيجارات التي ارتفعت إلى حد غير طبيعي وبشكل استغلالي على عيون البلديات والمعنيين بالأمر.