البرغوثي من معقل ماكينة الدعاية المؤيدة للكيان الإسرائيلي
سمر سامي السمارة
وصف المدافعون عن حقوق الإنسان والمؤرّخون الفلسطينيون، المقابلة التي تمّ بثها على قناة “سي إن إن” يوم الأحد الماضي مع رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي بأنها “تستحق المشاهدة” على نطاق واسع كونها تتناول الأسباب الحقيقية للعنف الذي اندلع خلال عطلة نهاية الأسبوع. فقد أكد السياسي والمدافع عن حقوق الفلسطينيين الدكتور مصطفى البرغوثي أن الهجوم المباغت الذي شنّته فصائل المقاومة الفلسطينية جاء بعد عقود من الاحتلال والفصل العنصري، فضلاً عن استشهاد آلاف المدنيين الفلسطينيين على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة.
معلقاً، على تدهور الأوضاع في ظل احتدام الصراع بين “إسرائيل” وفصائل المقاومة الفلسطينية بأن “هذا الوضع الذي تطور هو نتيجة مباشرة لاستمرار أطول احتلال في التاريخ الحديث، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، والذي تحوّل إلى نظام فصل عنصري، أُجبر الفلسطينيون على العيش في ظله”.
وأفاد البرغوثي بأن الطريقة الوحيدة الكفيلة بوقف أي شكل من أشكال العنف تكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني فوق أراضيه، فلا يحقّ للولايات المتحدة الادّعاء بأن لـ”إسرائيل” الحق في “الدفاع” عن نفسها، في الوقت الذي تمنع فيه الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم، مؤكداً أن الطريقة الوحيدة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة تكون باحترام “إسرائيل” للقانون الدولي، وإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية.
وأضاف البرغوثي أنه في الوقت الذي كان فيه المسؤولون الإسرائيليون يرفضون الاجتماع مع الحكومة الفلسطينية في العقد الماضي، كان المدنيون الفلسطينيون يواجهون عنفاً متصاعداً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين على حدّ سواء، حيث استشهد 248 مدنياً، من بينهم 40 طفلاً، هذا العام والعام الماضي نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة على جنين ونابلس ومدن أخرى.
وأشار في الوقت نفسه، إلى قيام حكومة الاحتلال، وتطبيقاً لسياسة التطهير العرقي بإخلاء العديد من المناطق من سكانها الفلسطينيين، ومهاجمة متطرفين إسرائيليين الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى دعوة وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش، لمحو بلدة حوارة الفلسطينية بأكملها. وأكد البرغوثي أنه لم يبق أمام الفلسطينيين سوى واحد من ثلاثة خيارات: إما الرحيل أو قبول حياة الخضوع للإسرائيليين، أو الموت.
كما رفض البرغوثي رأي المحاور، بأن عملية “طوفان الأقصى”: “ستعزز قوى اليمين في إسرائيل”، وأنها ستجعل حياة الفلسطينيين “أصعب” في نهاية المطاف، مع تقييد حركتهم وزيادة فقرهم، قائلاً: للأسف، ما وصفته هو بالضبط ما نعيشه بالفعل، من خلال 560 نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية، وتقسيم الضفة الغربية بأكملها إلى 224 كنتونات صغيرة منفصلة عن بعضها البعض، وإنشاء مستوطنات، يقيم فيها مستوطنون يهاجمون الفلسطينيين.
متسائلاً هل يمكننا أن نوقف ما يحدث الآن؟ نعم، بالطبع، يمكن إطلاق سراح كل هؤلاء الإسرائيليين الموجودين الآن في غزة غداً… إذا وافقت إسرائيل أيضاً على إطلاق سراح 5300 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك 1260 فلسطينياً يقبعون في السجون دون معرفة السبب تحت وطأة القانون، الذي يسمّى “بالاعتقال الإداري”.
واختتم البرغوثي المقابلة بالإشارة إلى أن “إسرائيل” وحلفاءها لم يتركوا أي وسيلة للفلسطينيين لمقاومة الاحتلال المستمر منذ عقود، مضيفاً: “إذا ناضلنا بشكل عسكري، فنحن إرهابيون، وإذا ناضلنا بطريقة غير عنيفة نوصف بالعنف، وإذا قاومنا حتى بالكلمات نوصف بأننا استفزازيون، وإذا كنت تدعم الفلسطينيين وكنت أجنبياً، فإنهم يصفونك بأنك معادٍ للسامية، وإذا كنت يهودياً -وهناك الكثير ممن يدعمون القضية الفلسطينية- فإنهم يسمونهم “اليهود الذين يكرهون أنفسهم”.
لذا، يجب أن نحصل جميعاً على حياة متساوية، وأن نحصل على السلام، ويجب أن نحصل جميعاً على العدالة والعيش بكرامة، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك تكون بإنهاء الاحتلال، وإنهاء نظام الفصل العنصري، فقد حان الوقت لذلك، ولتحقيق العدالة والحرية.
من جهتها، وصفت صحيفة العربي الجديد، مقابلة البرغوثي بأنها “مناسبة نادرة في تاريخ الإعلام حيث تمكّن فلسطيني من التحدث بحرية على الهواء مباشرة دون مقاطعة”.