صحيفة البعثمحليات

حوافز وحواجز…!

غسان فطوم

قطعت اللجنة المركزية للحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت شوطاً كبيراً في إقرار نظام التحفيز الوظيفي للعاملين في أكثر من وزارة ومؤسساتها المختلفة التابعة لها، والذي يتضمن حوافز إنتاجية وحوافز مادية وعلاوات تشجيعية، وقد قوبل ذلك بترحيب العاملين الذي عانوا كثيراً وما زالوا من “خيار وفقوس” المكافآت والحوافز التي كانت تتحكّم فيها المزاجية في ظلّ غياب المعايير والضوابط العادلة!.

وعلى أهمية هذا الإجراء التحفيزي الذي يأتي كخطوة جيدة جداً على طريق إصلاح نظام الرواتب والأجور الذي لا زال يعاني من عديد المطبات، هناك جانب آخر لا يقلّ أهمية عنه وهو ما يتعلق بضرورة تطوير المنظومة الإدارية، وخاصة في المؤسسات التي تعاني من “أمراض إدارية” تشكل عائقاً أو حاجزاً أمام تطورها وتحسين أداء العاملين فيها بشكل سلس يُريحهم ويرضي المواطن (الزبون) في الوقت ذاته، لذا من المفروض أن يتمّ الشغل على هذا الجانب المهمّ وجعله من ضمن الأولويات للوصول إلى مؤسسات “مرنة إدارياً، وكريمة مالياً”، فأمرٌ إيجابيٌ جداً أن يسير الإصلاح الإداري جنباً إلى جنب مع التحفيز المالي.

إن وجود بيئات عمل مرنة خالية من عقد الروتين المملّ والبيروقراطية القاتلة للإبداع يساهم في نشر الطاقة الإيجابية بين العاملين ويشعرهم بالرضا، ويدفعهم إلى إنجاز عملهم بسرعة وإتقانه بجودة عالية وتقديم أقصى ما لديهم من جهد، وهذا ما يشكّل محفّزاً آخر، حيث يفتح باب المنافسة الشريفة بين العاملين لتقديم الأفضل بهدف الحصول على المكافأة الأعلى، وهو حق مشروع لكلّ موظف مجتهد، ففي علم الإدارة والاقتصاد دائماً ما كان التطوير الإداري مدخلاً ضرورياً للإصلاح الاقتصادي، وخاصة إذا كان قائماً على التحفيز، ومن المعلوم أن كفاءة العامل تتوقف على عاملين مهمين هما المقدرة، والرغبة، فالمقدرة تتطلّب مهارات متقدمة تحتاج دائماً لتنمية وتطوير، فيما تُعَزّز الرغبة بالتحفيز المادي والمعنوي معاً، وبذلك لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى.

بالمختصر، إن إقرار الحوافز الإنتاجية المادية والعلاوات التشجيعية أمرٌ في غاية الأهمية والضرورة، لكن في الوقت ذاته من المهمّ أيضاً ألّا ننسى التحفيز والتطوير الإداري، فكلاهما مهمّ وضروري لتطوير الموارد البشرية وأدائها والارتقاء بجودة الإنتاج، فعندما تتطابق وتتحقق مصالح العاملين مع مصالح المؤسسات فإن ذلك سيساهم دون أدنى شك في ﺧﻠﻖ الرﺿﺎ عند العاملين مما يقوي دوافعهم للعمل ويقلل من الرغبة في الاستقالات المبكرة والتي كثرت في الآونة الأخيرة إلى درجة باتت المؤسسات مهدّدة بالإغلاق نتيجة هجرة العاملين من أصحاب الخبرة والكفاءة.