مع تكرار لعبة التخفيضات والتلاعب بالتكلفة.. أسعار الألبسة تتضاعف بحضور الرقابة!
دمشق- ريم ربيع
تتنوّع الأزياء المعروضة على واجهات المحال التجارية اليوم بين تصفيات الموسم الصيفي وجديد الموسم الخريفي، ليكون العامل المشترك الوحيد بينهما هو الأسعار الكاوية التي تنبئ بمواسم مقبلة أكثر غلاءً، فما سجل من أسعار مرتفعة للألبسة الخريفية ليس -بحسب تعبير العديد من التّجار- سوى مقدمة لموسم شتوي قد يسجل ضعف أسعار الموسم الماضي، إن لم يكن أكثر، أما التنزيلات المزعومة للألبسة الصيفية، والعبارات الفضفاضة التي غصّت بها الأسواق وصفحات البيع والشراء على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل “حرق الأسعار” و”لقطة الموسم” فلم تكن سوى واجهة لأسعار بقيت ثابتة، أو انخفضت بأفضل الأحوال 20%، علماً أن تنزيلات نهاية الموسم يفترض أن تكون –وفقاً للإعلانات- 75%!!.
كما لم يعد خافياً ما تلجأ إليه بعض “الماركات” في موسم التنزيلات، حيث ترفع أسعارها إلى الضعف ومن ثم تعلن عن تنزيلات لنصف القيمة، ليعود السعر إلى ما كان عليه، في “استخفاف” علني بالمستهلك والرقابة، فضلاً عن اقتصار التخفيضات على بضائع دون أخرى، كأن تُستثنى الجينزات من التخفيضات، أو أن تكون النسبة للقميص أو الفستان، أقل من النسبة المحدّدة لكنزة أو حقيبة، فالقميص النسائي “الشيفون” لا يقلّ في الأسواق حالياً عن 80- 100 ألف ليرة، وهو السعر ذاته في ذروة الموسم الصيفي، كذلك بنطلون الجينز لا يقلّ عن 130 ألف ليرة، وبجودة متوسطة إن لم تكن رديئة، أما الأحذية فحتى الصيفية منها تعرض اليوم بسعر 75 ألف ليرة وسطياً، بينما ما بدأ عرضه للموسم الشتوي لا يقلّ عن 150 ألفاً!.
تغرير
أمين سرّ جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة اعتبر أن ارتفاع الأسعار غير المبرّر خلال موسم الصيف، تسبّب بالعزوف عن الشراء بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، وتعرّضت البضائع للكساد، لذلك يعلن التّجار اليوم عن عروض “شبه وهمية” لأن الأسعار أساساً مرتفعة والتاجر لا يعرّض نفسه لخسارة، فما يعلن من تنزيلات حالية هو نوع من التغرير بالمواطن، وبالنتيجة لا أثر ملموساً على الحركة في الأسواق بعد هذه العروض، فالمستهلك يتجه للموسم الخريفي والشتوي حالياً، أما الاستفادة من عروض التصفية فتكون بوجود فائض سيولة لدى المستهلك، بينما اليوم يركز السوريون على وسائل التدفئة التي تستهلك 90% من المدخول، فضلاً عن موسم المدارس والمؤونة وتكاليفها.
كما أن المستهلك –بحسب حبزة- بات على دراية بالخدع التي يقوم بها التّجار في موسم التخفيضات، فالقطعة الموجودة بالحمرا مثلاً تكون ذاتها وللمصنع نفسه بنصف القيمة في الحميدية، ما يعني أن الارتفاع الأساسي هو بحلقات الوساطة والتّجار، لذلك أمل أن تأخذ السورية للتجارة دوراً أكبر بعرض المنتج من المصنع للمستهلك مباشرة، مضيفاً أنه لا يوجد ضبط للأسعار، فالجهات التموينية تركز على المواد الغذائية بشكل أساسي، والألبسة بالدرجة الثانية.
وأوضح حبزة أن بيانات التكلفة التي يقدّمها البعض لوزارة التجارة لا تكون حقيقية، كما أن الأمور الفنية من تطريز وإكسسوارات وغيرها، هي غير مسعرة فيرى فيها التاجر هامشاً لرفع الأسعار، وبشكل خاص ألبسة الأطفال التي فاقت أسعارها التصورات، مشيراً إلى أن بيان التكلفة يجب أن يرفق بفواتير نظامية، ويحصل على دقة أكبر بالدراسة من قبل اختصاصيين متمرسين بالعمل، فما يتمّ حالياً هو دراسة سطحية فقط.
مقارنة الصكوك
بدوره لفت مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية حسام نصر الله إلى أن القرار 1135 نظّم عمليات التصفية بأوقات محدّدة، وأجاز أن تتمّ التخفيضات في أي وقت بعد تقديم طلب وموافقة الوزارة عليه، وحدّد شرط ألا تقلّ التنزيلات عن 20% كحدّ أدنى، وغيرها من الشروط الواجبة على التاجر في الإعلان والأصناف.. إلخ، موضحاً أن حماية المستهلك تقوم برقابة دائمة بإجراء مقارنة بين الصكوك السعرية أو بيانات الكلفة قبل التصفية، وأثناءها، مع متابعة التزامه بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص، وفي حال المخالفة يتخذ الإجراء القانوني ضمن أحكام المرسوم 8.
لا تصريف للبضائع
أما بالنسبة لأسعار الألبسة الخريفية والشتوية وتضاعفها عن العام الماضي، فقد برّرها عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق ماهر الزيات بحسرة وخشية على مستقبل هذه الصناعة، إذ بيّن أنه يتمّ تحميل المنتجات تكاليف هائلة، بدءاً من فرق سعر الصرف الذي تُستورد به كلّ المواد الأولية بين العام الماضي وهذا العام، والمصاريف العامة من أجور ورواتب ونقل، والمنصة التي ترفع السعر 25% على الأقل، والتضخم الحاصل، مبيناً أن أرباح الصناعي تتناقص من عام لآخر، والوضع سيئ جداً، إذ اتجهت الكثير من المعامل إلى الإغلاق، وانخفض الإنتاج للنصف لأنه لا يوجد تصريف للبضائع لا محلياً ولا حتى تصديرياً، فالتصدير حالياً خجول جداً.
وبناءً على ذلك، رأى الزيات أنه لا بدّ من زيادة الأسعار بالموسم الشتوي، وذلك بحسب المراحل والمواد الأولية وغيرها، فمثلاً أجور نقل العمال ارتفعت إلى 400 ألف يومياً، فضلاً عن الكهرباء والمحروقات، إذ رفع الفيول من 5 إلى 13 مليوناً مما يدمّر الصناعة، مضيفاً أن المواد الأولية كلها تُستورد عن طريق المنصة، فهي تتأخر 4-5 أشهر، وتزيد قيمتها 30-40% بسبب فرق السعر، سواء أكان الدفع بالسوري أم بالدولار.