التعليم عبر الإنترنت كسر القيود وفتح الحدود ولكن ليس خالياً من العيوب!
لا شك في أن عصر التكنولوجيا الرقمية كانت له آثار إيجابي على العملية التعليمية سواء في المدارس أو الجامعات، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح كل إنسان باستطاعة أن يتعلم ما يرغب به من مهن أو مواهب كالعزف والسباحة، كما يمكن من خلال الانترنت الدخول إلى مواقع مختلفة تعطيه الخبرات العديدة حتى فيما يخص الطبخ والخياطة أو أي شيء يرغب به دون بذل أي جهد أو مال للتعلم، ما سهل على الكثيرين الحصول على المعرفة والمعلومة التي يحتاجونها، وبالتالي ساهمت التكنولوجيا في عملية التطور والتقدم في مختلف المهن والعلوم، بالإضافة إلى متابعة كل جديد من الابتكارات والحداثة في المجال الذي يرغب المرء إتقانه، وأصبح هذا النوع من التعلم الأكثر رواجا بين الناس فمعظم الدورات التدريبية الحديثة تعطى عبر المواقع الالكترونية ويمكن أن يكون المتدربين من دول مختلفة يتشاركون الأفكار والآراء والأسئلة ويشكلون فريق متفاعل كما لو كانوا في مكانا واحد.
سهولة التعلم
إذاً بتنا أمام أسلوب جديد في التعلم يتماشى مع متطلبات العصر و يساهم في تقديم المعلومات بسهولة وفي متناول الجميع، فهو لا يحتاج من المتلقي مهارات عالية أو خبرة في الانترنت بل على العكس تماما باستطاعة جميع الفئات والأعمار والثقافات استخدامه. وبرأي الدكتورة رشا شعبان، فإن هذا النوع من التعلم له جانبان ايجابي وسلبي بالرغم أن الهدف الرئيسي له هو إعطاء المعلومات والخبرات والطرق اللازمة للمتعلم بأشكال صحيحة تسمح له بالاستفادة الكاملة مما يقدم عبر شاشات الكمبيوتر وتوفير الاندماج المطلوب مع مجموعته ورفاقه خلال تواجدهم على الموقع، حيث تضمن الأنظمة الالكترونية التفاعل بين المتعلمين والتحكم بكافة النشاطات التعليمية، ولعل من أهم فوائد هذا النوع من التعلم أن المتعلم يستطيع متابعة تعلمه في أي مكان وفي الوقت الذي يتناسب مع ظروفه بالإضافة إلى توفير المال وأجور التنقل ومتاعبه وبذلك تكون عملية الاستمرار في التعلم سهلة جداً، ويمكننا القول أن هذا النوع من التعلم لا يحتاج إلى مهارات عالية في استخدام تقنيات البرامج والمواقع فهي تعتبر بسيطة وممكنة عند الجميع كالتعامل مع جهاز الكمبيوتر والدخول لمواقع التعلم واخذ المعرفة المطلوبة عبر مشاهدة الفيديوهات أو المقاطع الصوتية المسجلة واختصار عملية القراءة والفهم للمحتوى وخاصة إذا كان من النوع التفاعلي والمتقن من حيث لفت الانتباه وجذب المتابع بطريقة سلسة ومتقنة.
بيئة استثنائية
وتوضح الدكتورة شعبان أن التعلم الإلكتروني يشكّل بيئة استثنائية خاصة تتناسب مع المتعلم الذي يختارها بإرادته الكاملة، حيث يسمح للمتعلمين باختيار مسار التعلم الخاص بهم والتنقل بالسرعة التي تتناسب مع إدراكهم وسرعة فهمهم، وفيه لا يُجبر المتلقي على الجلوس مع أعداد كبيرة في مكان محدود ومغلق، وهذا لا يعني أنه افتقد الأصدقاء والزملاء، بل هم متفاعلين يشاركهم المنضمين للمحتوى والذين يقدمون أفكارهم وآراءهم التي تزيد من التفاعل أثناء عملية التعلم، وبينت أن الخجولين الذين يهابون التجمعات والإدلاء بآرائهم تجعلهم هذه الطريقة قادرين على تجاوز هذه العقبة عبر الكتابة والمحادثة والتعليق الكترونياً والإجابة على الأسئلة دون حرج.
مقارنة
وبحسب شعبان فإن من سلبيات التعليم عن بعد أنه يزيد من حالة العزلة الاجتماعية ويمنع الأفراد التفاعل عبر عوامل أخرى مرتبطة بلغة الجسد وتعبيراته والتي تحمل الكثير من الملاحظات والإشارات الهامة بمعنى أخر غياب التفاعل الحسي الذي يعتبر محفزا للمهارات ومعززا لشخصية المتلقي، أي بعكس التعلم المباشر الذي لا يسمح بتزوير المعلومة خلال تقديم الإجابة على سؤال أو استفسار للمعلم، ولا يسمح التعلم المباشر بتأجيل الواجبات والتمرين بعكس التعلم الالكتروني الذي يتاح فيه الشطط والإغفال عن المتابعة وأحيانا عدم الالتزام بالأوقات المخصصة لعملية التعلم والانضباط بشروطه، حيث يمكن الاستهانة بالتعلم تبعاً إلى قوة إرادة الشخص وجديته في تطوير ذاته ومهارته ورغبته في الوصول إلى المستوى المنشود، أما في حال وجود معلم الأمر يختلف تماماً ويصبح أكثر جدية لدى جميع المتعلمين فهم ملزمين بخطوات التعلم وبالوقت الزمني المحدد لانجاز المهام دون تململ وتراجع، فالحرية هنا محدودة في إدارة الوقت وقد تسبب للمتعلم الفشل وعدم مجاراة رفاقه فيما وصلوا إليه من مراحل، مما يدفعه إلى الالتزام التام بما ينجزه الآخرين خلال الفترات الزمنية للتعلم.
وتضيف الدكتورة شعبان: في تقنيات التعلم عن بعد تبرز مشكلات كثيرة تتعلق بالجودة من حيث السرعة والمحتوى تتسبب بانقطاع البث مما يؤثر سلباً على عملية التركيز والمتابعة عند الطالب، بمعنى هناك صعوبة في الحصول على المعلومة بشكل جيد، ولا يمكن استدراك ذلك عبر المشاركين لأنه لا يوجد تفاعل حقيقي وواقعي بينهم يمكنهم من الاستعانة ببغضهم البعض، فيما تبدو الملاحظات التي يقدمها المعلم في التعليم التقليدي أكثر تأثيرا على نفوس وشخصية المتعلمين، حيث تعطي دافعاً اكبر لديهم وبالعكس قد يلاحظ المعلم مهارات محددة عند الطلبة لديه يشير إليها، أو أخطاء وثغرات تعليمية لدى البعض فيعمل على تصوبيها مما يضيف المتعة والتسلية المفيدة والتبادل المعرفي لدى للمتعلمين وهذا لا يمكن حدوثه في التعلم الالكتروني.
ميادة حسن