“الهويّة الوطنية” في جلسة حواريّة لوزارة الثقافة
اللاذقية- مروان حويجة
قدّم المثقّفون والأدباء والمفكّرون المشاركون في الجلسة الحواريّة التي أقامتها وزارة الثقافة في دار الأسد للثقافة بمدينة اللاذقية حول (الهويّة الوطنية، محدداتها، ومهدداتها وسبل تعزيزها) مجموعة واسعة من الرؤى والأفكار حول تجلّيات ومكونات الهويّة الوطنية وسبل حمايتها وتعزيزها في إطار مشروع وطني تشاركي أطلقته وزارة الثقافة، وتساهم فيه الوزارات والجهات المعنيّة ومؤسسات وجمعيات المجتمع الأهلي.
وقالت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح في تصريح للصحفيين إنّ الموضوع المطروح للحوار مهمّ للغاية ويتناول الهويّة الوطنية بمكوناتها وأبعادها، وهل نستطيع أن نواجه كل المخاطر التي تتهدّدها؟ فقد تكون هذه المخاطر ناتجة عن عوامل داخلية أو خارجية، اجتماعية، نفسية، اقتصادية، وقد تكون عوامل خارجية لها صلة بالعولمة وآثارها النفسية، أو بالحرب ولها صلة بالحصار والحرب التي شنّت على سورية.
وبيّنت مشوّح أنّ البحث في الهويّة الوطنية يأتي لأنّ هويتنا أصابها بعض الخلل لدى البعض، فهناك رواسب خلال ١٢ سنة من الحرب، وسنوات من الحصار، وظلم لحق بسورية وأهلها لا بدّ أن يترك آثاره على الإنسان نفسه، وعلى بنيته النفسية والفكرية، ونريد لهذه الهويّة أن تتحدّد معالمها بدقة، فندرس كل ما يتهدّدها حتى نحصّنها ونعززّها بخطة وطنية إستراتيجية تلتزم بها كل الجهات المعنية، من وزارات الثقافة والتربية والشؤون الاجتماعية والعمل والإعلام والأوقاف وكل الجهات المعنية والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع الأهلي، وما يقدمونه وما يقترحونه من برامج تنفيذية في سبيل تعزيز هذه الهويّة.
وبيّنت الوزيرة مشوّح أن الانطلاقة بالعمل كانت قبل حوالي عام من خلال إجراء دراسات ووضع أطر نظريّة لهذا الحوار، لأنّه لم يكن الهدف إطلاق حوار بلا حدود أو بلا ضوابط، ولذلك تمّ العمل على وضع ضوابط لهذا الحوار، وتمّت الانطلاقة بالجلسات الحوارية من دمشق وريف دمشق بمشاركة مفكرين ومثقفين وأساتذة جامعيين يعملون على هذا الملف، ثمّ الانتقال تالياً إلى حلب، ومن ثمّ مع مثقفي حماه وإدلب والرقة، ونحن اليوم في اللاذقية بعد أن تأجل من الأسبوع الماضي جراء الاعتداء الإرهابي الجبان على الكلية الحربية، وهذا لن يثنينا عن المضي في عملنا رغم كلّ الظروف، فنضع يدنا على نقاط الضعف لتلافيها، وعلى نقاط القوّة لتعزيزها.
وعن مشاركته، قال الكاتب الأديب حسن م. يوسف: الهويّة الوطنية السورية واضحة، وليست بحاجة إلى تحديد، وإنما بحاجة إلى تفعيل لأجل تحويلها إلى سلوك في حياة المواطنين، وإلى قيم تحكم تصرفاتهم، وتحدّد مستقبل البلد، فالهويّة الوطنية بكل بساطة -مع الأسف- تعرّضت لشيء من التهديد خلال العدوان على سورية من قبل الفاشيّة العالمية وذيولها الإقليمية والمحلية، فبعض ممن درسوا في مدارسنا انحازوا للعدو -مع الأسف- وقاتلوا بين صفوفه، وهذا ناقوس خطر يحتّم علينا كمواطنين أولاً، وكمعنيين بالخير العام أن نحاول سدّ الثغرات التي أحدثتها الحرب، بدءاً من ولاء المواطن لوطنه كي يستعيد ثقته بنفسه وبوطنه.
بدورها الأديبة مناة الخيّر، عضو اتحاد الكتّاب العرب، لفتت إلى أنّ الورقة التي جرى الحوار فيها خلال الجلسة اعتمدت على مجموعة رؤى حول ما عانته سورية خلال سنوات الحرب، وكيفية العمل لإعادة العلاقة بين الوطن والمواطن، والهويّة الوطنية، وترجمة هذا الانتماء إلى سلوك، والضوابط التي تبنى عليها العلاقة بين الوطن والمواطن حيث هناك أسس ثابتة، وآفاق مفتوحة لكي تعطي لكل شخص فسحة القدرة على العمل دون أن يمسّ بالثوابت، وهذا الموضوع ناقشته ورقة العمل بدقة واستفاضة، فكانت ورقة عمل جديرة بالاهتمام والاحترام، ويمكن أن تترجم إلى برنامج عمل وطني واسع وشامل، ولا يقتصر على وزارة الثقافة فقط، وإنما يشمل العديد من المستويات داخل المجتمع السوري.
الأديب الدكتور عيسى درويش، عضو اتحاد الكتّاب العرب، قال: شاركت مع مجموعة العمل وبحضور وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح في الجلسة الحواريّة حول الهوية الوطنية وسبل تعزيزها، سواء عن طريق الهوية الثقافية، أو الانتماء والولاء للوطن الغالي، والعلاقة بين الوطن والمواطنة، وبحثنا في الكثير من الأفكار والرؤى التي يمكن أن تكون لبنة مهمّة جداً في بناء الحوار حول هذا الموضوع، ووضع إستراتيجية حول حماية هذه الهوية والدفاع عنها وإنجازها ببرنامج وطني يشمل كل أبناء الوطن.
الكاتب إلياس فياض، مدير الثانوية الوطنية، أوضح أنّ الجلسة بحثت في الهويتين الوطنية والثقافية، وتجليّات هاتين الهويتين، والمهددات والمخاطر التي تتهدّد الهويتين، وكيفية الخروج من هذه التهديدات، وسبل تعزيز الهويّة، وتمّ التعرّض للكثير من النقاط، وما نستطيع من خلاله أن نعيد ثقة المواطن بالوطن، وبناء آفاق مستقبلية جديدة واعدة تحدّ من هجرة شبابنا وكفاءاتنا العلمية وغير العلمية، وبناء وطن جديد قائم على الانتماء والحبّ والمواطنة.
الكاتب بسام جبلاوي، عضو مجلس إدارة جمعية العاديات في اللاذقية، أوضح أنّه جرى التأكيد في الجلسة على ثوابت أساسية وحقائق في مجال الهويّة الوطنية، والجذور التاريخية العميقة، وما تحمله من ملامح إنسانية وتجليّات حقيقية في حياة الوطن والمواطن، وما يمكن أن يساهم في تعزيز المجتمع العربي، مع البحث في موضوع المكونات الأساسية التاريخية والثقافية والفكرية، والواقع الاجتماعي لبلدنا، ودور المواطن العربي السوري، وما قدّم عبر التاريخ من إنجازات، وأيضاً الرؤى التي يحملها المواطن من خلال هويته السوريّة، وماهية مسؤوليته من حيث الولاء والانتماء لديه.