وَعلاماتٍ وبالنّجمِ يَهْتدون
عبد الكريم النّاعم
* العَلامة: السِّمَة والأمارة – ما يُنصَب فيُهتدى به (المنجد).
* العلامات: شهداؤنا منذ حمزة (ر) حتى آخر قطرة دم تُراق دفاعاً عن الأرض والعرض.
هذه النّجوم بعضها يلمع في الليالي المُظلمة فيهتدي به السّارون، وبعضها أطفأتْ لمعانه يد الغدر والخيانة قُبيل التماعه متوهِّجاً على الأكتاف.
في الذاكرة، منذ بدايات الشباب جُملة لأحد المفكِّرين العرب، خلاصتها أنّ هذه الأمّة تُفاجئُ أبناءها من الداخل بقدر ما تُفاجئ به أعداءها من الخارج، فهل ما كان مُفاجأة؟
نعم هو مُفاجأة لأمثالنا الجالسين في بيوتنا، ولكنّه كان غير مُفاجئ بالنسبة للذين استعدوا، وخطّطوا، وإلاّ فما معنى أن يأتي تاريخ التوقيت مع حرب تشرين التحريريّة، فيتآخى تاريخيّاً 6/ 10/ 1973 و7/ 10/ 2023، إنّه تعميق لفكرة إمكانيّة دحر الجيش الذي لا يُقهَر!! هذا الجيش الذي أذلّه حزب الله في جنوب لبنان عام 2006، فتحطّمت دبّاباته، وهُزم جنوده، وسُجِّلت أصوات عساكره المرعوبين، منذ ذلك التاريخ قال قائد المقاومة في جنوب لبنان، السيد حسن نصر الله: “لقد ولّى زمن الهزائم”، هذه المقولة التي جهدت أمريكا وكيان العدو لشطْبها من قاموس التداول، فيما أشعلوه من حرائق في سوريّة، والتي لم تنطفئ كلّيّاً حتى الآن، وكان استهداف دمشق استهدافاً لعمود الخيمة، ففشلوا، ولكنّهم لم ييأسوا لأنّهم يُدركون أنّ وقوف سوريّة بصلابة في مقاومة المشروع الصهيوني، يعني فشلاً لكل ما رسموا له بالتعاون مع مَن تعاون، وصُرفتْ من أجل ذلك أموال، قيل فيها لو صُرفت في أمريكا لأسقطتْ واشنطن، وهذا هو الذي يجعل أمريكا مصرّة على إبقاء الحريق مشتعلاً، لنبقى مشغولين بإطفاء النار، وفي ذلك مصادرة خبيثة لكي لا نخرج من تلك الأنفاق، وأُغرقْنا بالعديد من الإجراءات المُثبّطة، وهنا كانت المفاجأة، لأمثالنا من داخل ومن خارج، فها هي جماهير هذه الأمّة، وفي بقاع أخرى، تتأجّج عواطفها، وتشعر أنّ الإذلال ليس قدراً لا يمكن ردّه، بل يمكن تحويله إلى فرصة تاريخيّة لتغيير الكثير من المعادلات المرسومة بإحكام في دوائر المخابرات الغربيّة.
الجميع الآن يسأل: “ماذا بعد” وأمريكا، كالعادة، تُلقي بكل ثقلها لدعم كيان الصهاينة؟!!
الذي لا شكّ فيه أنّ ما قبل 7/ 10/ 2023 لن يكون كما بعده، لا في المنطقة كلّها، بل وفي الداخل الفلسطيني، ولاسيّما على مستوى القيادة الرسميّة لجماعة أوسلو، الذين لم يتوقّفوا عن التعاون الأمني مع العدو، في أشدّ اللحظات حرائقيّة، فغزة تشتعل بالفوسفور، وهم جالسون كتماثيل الشمع الخائبة.
ثمّة مسألة لا بدّ من التأكيد عليها، وقد أفصح عنها قادة في المقاومة الفلسطينية، فالسلاح الذي يقاتلون به وصلهم من سوريّة ومن إيران، وهذا لا يعني إنكار الإبداع الفلسطيني المقاوم، في التخطيط، والتجهيز الذي فاجأ العدوّ بقدر ما جاء مفاجئاً لأمثالنا، وفيه من الابتكار ما يُشعر كل عربي وطنيّ حرّ يفخر بانتمائه لهذه الأمّة.
إنّ سعي العدو الهمجي لمسْح غزّة بالغارات، التي تُعتَبَر جريمة حرب، سيعمّق فكرة التشبّث بالأرض، ولن يفرّ الفلسطينيّون، رغم الحمم، والدّمار، ولا نعرف بالضبط كيف ستتطوّر الأمور، ولكنّنا نعرف أنّ واشنطن، بمَن معها من قيادات الغرب الذّنَب، كما كانت على مدى تاريخنا الحديث، وبالصّامتين من أبناء منطقتنا، وبالمتعاونين معهم سرّاً،.. نعرف أنّ هؤلاء يشكّلون فريقاً واحداً، وعلى فريق المقاومة أن يكون فريقاً واحداً، انطلاقاً من أنّ هذا العدوّ لن يتراجع عن استهدافاته، بل سيزداد لؤماً وشراسة ما لم يُكبح جماحه بمواجهة تُجبره على الانكفاء.
aaalnaem@gmail.com