المعمداني… مجزرة يندى لها الجبين!
سمر سامي السمارة
أدت الغارة الجوية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على مستشفى يتواجد فيه آلاف المرضى والموظفين والأشخاص الذين يبحثون عن مأوى من القصف الإسرائيلي المتواصل إلى استشهاد ما يزيد من 500 مدني.
وقد أظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، أجساد الضحايا التي مزقتها المجزرة الإسرائيلية وحولتها إلى جثث وأشلاء متناثرة، فيما تحول المستشفى إلى بركة من الدماء، حيث أفاد الطبيب المقيم في غزة زياد شحادة، إن “عدد الشهداء تجاوز الـ 500 شهيد لكننا نعتقد أن العدد سيصل إلى أكثر من 1000، إنها مجزرة”.
وقال غسان أبو ستة، طبيب في منظمة أطباء بلا حدود الخيرية: “كنا نجري عمليات في المستشفى، وحدث انفجار قوي فسقط السقف في غرفة العمليات، إنها مجزرة”. كما أفادت منظمة أطباء بلا حدود إلى أن العالم فُجع بالقصف الإسرائيلي الأخير الذي طال مشفى المعمداني الأهلي في غزة، الذي يُعتبر منشأة صحية تعالج المرضى وتستضيف النازحين، لقد قتل مئات الأشخاص، وهذه مجزرة.
وأكد أبو ستة أنه لا شيء يبرر هذا الهجوم المروع على المستشفى وعلى العديد من المرضى والعاملين الصحيين، وكذلك الأشخاص النازحين إليه، مضيفاً أن المستشفيات ليست هدفاً للعدو الإسرائيلي، فإراقة الدماء هذه يجب أن تتوقف لقد طفح الكيل.
تجدر الإشارة ، إلى أن القصف الهمجي على قطاع غزة تسبب بفرار العديد من سكانها إلى المستشفى، بعد أن أمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية 1.1 مليون فلسطيني بالفرار للنجاة بحياتهم، وهي جريمة حرب مقارنة بالتطهير العرقي الذي تعرض له الفلسطينيين إبان النكبة، وسط حملة قصف أدت إلى استشهاد أكثر من 3500 مدني، بينهم أكثر من 1000 طفل، منذ 7 تشرين الأول.
وأضاف شحادة: ” إن ما حدث كان مروعاً، لقد حاول المدنيين الهروب من منازلهم، قاصدين مكان اعتقدوا أنه آمن – وهو مستشفى، وهو مكان آمن وفقاً للقانون الدولي، لقد غادر الناس منازلهم معتقدين أنها أكثر خطورة، وانتقلوا إلى المدارس والمستشفيات بحثاً عن الأمان، ولكن خلال دقيقة واحدة، لقوا حتفهم جميعاً في أحدى المستشفيات”.
وفي إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، قال مصطفى البرغوثي رئيس حزب المبادرة الوطنية الفلسطينية: “إن ما حدث ليس إلا جريمة حرب متعمدة من قبل مجرم الحرب نتنياهو ومجلس وزراء الحرب التابع له”، متابعاً، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة أخرى ضد الشعب الفلسطيني، لقد هاجموا مستشفى، إنها جريمة وحشية للغاية.. مهاجمة مستشفى يلجأ إليه المدنيين الذين أجبروا على المغادرة هرباً من القصف الإسرائيلي، وأثناء محاولتهم العثور على ممر آمن في المستشفى أو بالقرب من المستشفى تم قصفهم، وهذا يعني أنه لم يتبقى أماكن آمنة للفلسطينيين”.
وأضاف: “لقد كانت هذه إبادة جماعية ارتكبت أمام العالم أجمع في مكان ينبغي أن يكون آمنا”.
وجاءت الإدانة الأولى على لسان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في تغريدة على تويتر فور وقوع الهجوم، قائلاً: إن منظمة الصحة العالمية تدين بشدة الهجوم على مستشفى الأهلي المعمداني شمال غزة، وأضاف أن التقارير الأولية تشير إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، داعياً إلى توفير الحماية الفورية للمدنيين والرعاية الصحية وإلغاء أوامر الإخلاء.
وكما هو معتاد، في محاولة منه للتنصل من المسؤولية حول المجزرة، اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي المقاومة بإطلاق الصواريخ على المشفى قائلاً أنه “من خلال تحليل أنظمة العمليات التابعة للجيش الإسرائيلي، تم إطلاق وابل من الصواريخ المعادية باتجاه إسرائيل، والتي مرت بالقرب من المستشفى وقت الإصابة”.
ولكن، أشار المراقبون إلى أنه معروف عن جيش الاحتلال الإسرائيلي إنكاره وتهربه من المسؤولية عن هجماته القاتلة على المدنيين الفلسطينيين، مشيرين إلى أن القوات الإسرائيلية سبق أن قصفت المستشفى المعمداني خلال الحرب الحالية على غزة.
ومن جهته، وصف نتنياهو المدنيين الفلسطينيين بأنهم “أبناء الظلام” بينما وصف الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها “صراع بين الإنسانية وقانون الغاب”، وكان المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانييل هاغاري، أعلن الأسبوع الماضي أنه في هذه الحرب “يتم التركيز على الضرر وليس على الدقة”.
لقد أثار الهجوم الذي استهدف المستشفى المعمداني، احتجاجات واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك في مدن في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم، وخرجت مسيرات تندد بقصف “إسرائيل” للمشفى في إيران ولبنان والأردن والمغرب وتركيا وسورية وتونس وأماكن أخرى.
وفي الوقت نفسه، قال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إن ستة مدنيين على الأقل قتلوا، وأصيب العشرات بعد أن تعرضت إحدى المدارس التي تديرها الوكالة في مخيم المغازي لقصف إسرائيلي، مضيفاً: “أصيب العشرات، من بينهم موظفو الأونروا، ولحقت أضرار هيكلية جسيمة بالمدرسة، هذا أمر شائن، ويظهر مرة أخرى تجاهلا ًصارخاً لحياة المدنيين.. لم يعد هناك مكان آمن في غزة، ولا حتى مرافق الأونروا”.
وأشار لازاريني إلى أن الأونروا توفر إحداثيات مرافقها للأطراف المعنية على أساس يومي، مضيفاً أن ما لا يقل عن 4000 شخص في المدرسة المعنية، ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.
جدير بالإشارة أن “إسرائيل” نفذت الهجوم على المستشفيات والمدارس عشية زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى “إسرائيل”، الذي أعلن عن “دعمه الثابت” لها، حيث ترسل إدارته ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية.