اقتصادصحيفة البعث

مخالفات.. لا تُخالف!!

قسيم دحدل

لا أجمل من أن نستمع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهي تؤكد أن العمل مستمر من قبل مديرياتها لضبط الأسواق والأسعار، والأجمل أن نستمع لحصيلة تعب دوريات تموينها التي سجّلت أكثر من 45 ألف ضبط تمويني منذ بداية العام الحالي 2023، وبقيمة إيرادات من الغرامات وصلت إلى نحو 100 مليار ليرة سورية.

ولأننا من الغيورين جداً على الوصول للكمال النسبي في عمل الضابطات التموينية، ويزعجنا جداً إن تناول أحدهم عناصرها الرقابية بكلمة سوء أو شبهة فعل غير حميد، نطرح في هذا المقال قضية نأمل أن تحظى باهتمام الوزارة وأجهزتها الرقابية.

وهي قضية نرى أنها على ما يبدو غير مشمولة بالرقابة، ونطالب بالتحقق منها والتقصي حولها، ليصار إلى العمل على استدراكها وقطع دابرها، لأن فيها وضعُ حدّ لفلتان الأسواق، وما يحدث فيها من غش وتدليس يلجأ إليهما الباعة لكسب أرباح كبيرة غير مشروعة من جيوب المستهلكين عامة وأصحاب الدخل المهدود خاصة!

في أسواق الخضار والفواكه، لم نشاهد يوماً التزاماً بما تتضمنه النشرات التموينية نفسها، لناحية وجوب الإعلان عن نوع المادة وتصنيفها، فمن المعروف أن النشرة تشتمل على عدة أنواع من المنتج الزراعي الغذائي ذاته (مثال: بندورة نوع أول، وبندورة نوع ثانٍ وبندورة نوع ثالث.. وهكذا العديد من المنتجات، ولكل صنف منها سعره المتناسب مع جودته)، لكن واقع الحال في الأسواق يؤكد أن هذا الموضوع غير مطبق ولا مراعى من قبل الباعة، وغير مراقب، حتى لنكاد نجزم أنه لم يتمّ تحرير ضبط واحد في هذه الشق من المخالفات المدرجة في قانون التموين، رغم أن مشاهد هذه المخالفات على عين الرقابة يومياً!!

ولأن هذا الأمر مغيّب من جولات “مراقبي حماية المستهلك”، كان اتصالنا مع مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية، حيث أكدنا له، ومن قلب أحد الأسواق التي نتردّد عليها بشكل شبه يومي، عدم التزام الباعة مطلقاً بالإعلان عن نوع وصنف المنتج وحتى سعره (أكان نوعا أول أو ثانيا.. إلخ)، ما يتيح  للباعة أن يغشوا ويتلاعبوا بنوع المادة، من خلال بيع النوع الثاني بسعر النوع الأول أو خلط نوعين أو ثلاثة أنواع بنسب خبيثة، والبيع بالسعر الأعلى، على أساس أن المادة من النوع الأول، هذا من جانب.

ونؤكد أن هذا الغش والتدليس يسمح ويُشرع للنفوس الضعيفة إمكانية ارتكاب الفساد (الرشوة) وبـ”القانون”!!، لأنه لا يعقل ألا نجد بائعاً واحداً ملتزماً، وعلى مدار كلّ أيام العام- بما ذكرنا.

وهذا ما كان مدعاة لتأكيدنا – ما يتمّ – لمدير حماية المستهلك، الذي فاجأنا فعلاً بحجته التي راهن فيها على خبرة المستهلك في التمييز بين الأنواع.. حجة لا تبرر عدم ضبط هذا العملية، التي نراهن بقلمنا أنه إذا ما قمنا بجولة مع عناصر الرقابة على أسواق دمشق، لخرجنا بآلاف مؤلفة من مخالفات الغش والتدليس، وعندها لن تبقى قيمة الغرامات أو المخالفات 100 مليار ليرة.

بقي أن نقول ونطالب بتفعيل مجالس الأحياء لتأخذ دورها الرقابي (كما اقترحنا سابقاً وذكرنا كيف)، على الأقل لتساعد عناصر الرقابة التموينية في حماية أسواقنا و”أسوائنا” من نفسها.

Qassim1965@gmail.com