أخطاء مشروعة!!
غسان فطوم
“من يعمل يخطئ” والعكس صحيح، هذا أمر بديهي لا يحتاج إلى نقاش أو تذكير، لكن أن يتكرر الخطأ الذي يمكن تداركه ويصبح موضة فهذه مشكلة لها عواقب وخيمة وهي دليل على وجود اللامبالاة والاستهتار، وسوء التصرف، والمؤلم في الخطأ عندما يُرتكب من قبل صنّاع السياسات في مختلف المجالات والقطاعات.
للأسف واقع الحال يشير إلى أخطاء بالجملة والمفرق تقع في مؤسسات صغيرة وكبيرة على اختلاف وظائفها، تمر مرور الكرام، وما يزيد الطين بلة أن بعض المؤسسات في موقع يفترض من المعنيين فيها أن يُحاسِبوا على الأخطاء ويعاقبوا مرتكبيها لا أن يغضوا الطرف عنها أو تبريرها ووضعها في خانة الأخطاء “غير المقصودة”، وكأنهم يعطون للخطأ صفة شرعية!
لا شك في أن عدم الكفاءة الإدارية والمعرفة بتفاصيل وخصوصيات العمل من أكثر الأسباب والعوامل التي تؤدي لارتكاب الأخطاء التي تصل إلى درجة الفشل المدمر للمؤسسة، والمتابع والمراقب لا يصعب عليه الإشارة وبوضوح إلى بعض السياسات والخطط الاقتصادية على سبيل المثال لا الحصر التي تم إقرارها خلال العقد الأخير، حيث لم تكن خالية من الأخطاء والدليل أننا ندفع ثمنها الآن، والغريب في الأمر هو محاولة اجترارها أو إعادة إنتاجها من جديد وكأنها مثالاً يحتذى به!
بالتأكيد لا تقتصر الأخطاء على الشأن الاقتصادي، بل هناك أخطاء في القطاع التربوي والتعليمي “كركبت” التلاميذ والطلبة نتيجة قرارات غير مدروسة بشكل يناسب واقعنا المدرسي والجامعي، أقلها أخطاء وكوارث القبول الجامعي التي لم تصل بعد إلى طريقة عادلة ومنصفة للطالب!، وأيضاً ليس الشأن الخدمي والقطاع الثقافي والاجتماعي وغيرها من القطاعات خالية من الأخطاء المرتكبة، والمشكلة في تلك الأخطاء أنها تكرر ولا نتعلم منها، بل يسارع البعض إلى تبريرها بحجج غير مقنعة، في محاولة فاشلة لإيهام الشارع – العارف بكل شيء – بأنهم يعملون لكن الظروف لم تكن بصالحهم!
بالمختصر، نحتاج لنشر ثقافة الاعتراف بالخطأ حتى لو تطلب الأمر إقامة دورات تأهيل وتدريب للممسكين بمفاصل العمل، فتحمّل المسؤولية عن الخطأ هو أحد مقومات النجاح مستقبلاً، فالمسؤول الذي لا يملك جرأة الاعتراف بخطئه ومحاولة إصلاحه ليس جديراً بمنصبه، والثابت دائماً وأبداً أننا عندما نشخّص المشكلة بشكل صحيح ونُشرك أصحاب الخبرة في صناعة القرار نتجنب جزءاً كبيراً من مطبات الوقوع بالخطأ الكارثي الذي لا ينفع معه البكاء على اللبن المسكوب!