حملة غربية ممنهجة لتبرئة “إسرائيل” من مجزرة “المعمداني”
تقرير إخباري
تحت عنوان “كيف تحوّل الهجوم الصاروخي إلى مجرّد انفجار بلا هوية”، كتب موقع آر تي الروسي، أن معظم الساسة ووسائل الإعلام في الغرب استخدموا كلمة انفجار للحديث عمّا حدث في مستشفى المعمداني في غزة، وذلك في تناغم واضح مع الرواية الصهيونية التي عمدت إلى إلصاق الاتهام بفصائل المقاومة التي هي مسؤولة حسب زعمها عن استهداف المشفى بصاروخ، بمعنى أن الفصائل الفلسطينية تقتل أهلها.
غير أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدّث بصورة مضحكة هو الآخر عن “انفجار” وأعلن اقتناعه بالرواية الإسرائيلية التي تحاول عبثاً إبعاد مسؤوليتها وإلصاقها بخصومها، وخاصة مع وجود الكثير من الشواهد القوية على مسؤوليتها عن المذبحة، وبالتالي اضطرّ الغرب إلى إلزام وسائل إعلامه بتعميم هذه الرواية، حيث تناولت الصحف الأمريكية استهداف مستشفى المعمداني بقطاع غزة، بطريقة مثيرة للسخرية تظهر جليّةً في “تحوّلات” صياغة الخبر بموقع صحيفة “نيويورك تايمز” الإلكتروني، فمن “ضربة إسرائيلية” على مستشفى قطاع غزة، إلى “الهجوم الإسرائيلي” ثم “الهجوم” فقط، وبعد ذلك “انفجار”.
فبعد أن اعترفت بداية بالهجوم الإسرائيلي على المشفى، تحوّلت روايتها إلى انفجار، مؤكّدة الأكذوبة التي عمل بايدن على تسويقها في زيارته إلى الكيان، وسارت وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى مثل صحيفة “وول ستريت جورنال”، ووكالة “أسوشيتد برس” ووكالة “بلومبرغ” وشبكتي “إم إس إن بي سي وفوكس نيوز” و”سي إن إن”، على المنوال نفسه “مثل جوقة واحدة بالطريقة نفسها”.
وظهر التخبّط واضحاً في تغطية صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية النبأ المفجع بالقول: “وقع انفجار قوي يوم الثلاثاء في مستشفى بمدينة غزة، مكتظ بالجرحى والفلسطينيين الذين كانوا لاجئين فيه”، حيث أقرّت من جهة ثانية بأنه مكتظّ باللاجئين الذين أجبرتهم “إسرائيل” على اتخاذ المشفى ملاذاً لهم من النيران، في حين أنها لفتت في مقال لصحفي أمريكي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إلقاء اللوم على المقاومة في مقتل المدنيين، لكن تم الاستشهاد بتصريحات عديدة للأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى حول تورّط إسرائيل في العديد من الحوادث، منها استهداف الدبابات الإسرائيلية مدرسة تابعة للأمم المتحدة في الجزء الأوسط من غزة.
وكالة “بلومبرغ” بدورها، وخوفاً من افتضاح كذب الرواية المتبنّاة، كتبت على استحياء قائلة: إن بايدن عليه “أن يأخذ في الاعتبار الغضب المتزايد للمجتمع الدولي بشأن تصرّفات (تل أبيب)”.
أما صحيفة “إلموندو” الإسبانية فقد تحدّثت بطريقة مختلفة، وكتبت تقول: “بالنظر إلى الدمار الهائل للمبنى، يبدو من غير المحتمل أن تؤدّي قذيفة مماثلة لتلك التي تستخدمها الفصائل في غزة إلى مثل هذه الكارثة”، بينما رأت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية أن المأساة يمكن أن تكون “بسبب صاروخ فلسطيني اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي”.
صحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الألمانية قالت: “في جميع أنحاء العالم العربي، تظاهر الناس مساء الثلاثاء للتعبير عن غضبهم من الهجوم الصاروخي على المستشفى الأهلي في قطاع غزة، الذي ورد أنه قتل مئات المدنيين”، دون أن تحدّد مصدر الهجوم، ولكنها لفتت إلى أن السياسيين في أوروبا والولايات المتحدة “أكدوا فقط حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”.
غير أن الصحيفة الألمانية ذاتها قالت: إن “هناك أخباراً تفيد بأن “إسرائيل” تطلب من جميع سكان غزة الفرار إلى جنوب الجيب، لكنها في الوقت نفسه تكثف قصف هذه المنطقة بالذات، حيث يموت النساء والأطفال مرة أخرى”.
وبهذه الطريقة “ترى الصحيفة” تتحوّل الغارة الجوية على مستشفى المعمداني في غزة، إلى “انفجار” يخفي الفاعل في البداية، ثم يجري تبنّي الرواية الإسرائيلية الرسمية على الفور، ويتم الإعلان بحماسة أن الفلسطينيين قصفوا أنفسهم، فتضيع الحقيقة وتواصل القوة الغاشمة طريقها المعبّد بالخراب والدماء.
وكل هذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإعلام الغربي، على عكس ما يحاول تسويقه، هو إعلامٌ مسيّس منحاز، ولا يمكن أن يُوصف بالمهنية.
طلال ياسر الزعبي