دراساتصحيفة البعث

المقاومة الفلسطينية تذل الكيان الصهيوني

ريا خوري

لقد أذلَّت المقاومة الفلسطينية أقوى رابع جيش في العالم على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ومرّغت صورته في الوحل وأفقدته هيبته واتزانه المزعوم في المنطقة، فقد تمكّنت من اقتحام أكثر من عشرين مستوطنة صهيونية في غلاف غزة، كما دخلت إلى خمس قواعد عسكرية استخباراتية، ومن تلك القواعد قاعدة في عمق الغابة فيها أرشيف أمني سريّ ومعلومات عن خطط اجتياح غزة برياً، ومعلومات خاصة بالموساد الإسرائيلي. كما سيطرت المقاومة الفلسطينية على معبر إسرائيلي مهمّ، يضاف إليها قيام المقاومة بأسر عدد كبير من ضباط وجنود الكيان الغاصب. وإزاء تلك العملية النوعية لم يجد الكيان الصهيوني ما يردّ به على المقاومة، فشرع في قتل الأبرياء والمدنيين بشكلٍ ممنهج، عازماً على قتل أكبر عدد من الشعب الفلسطيني في غزة وطرد الباقي في أخطر عملية إبادة جماعية (جينوسايد) وأخطر عملية تطهير عرقي (أبارتهايد).

مما لا ريب فيه أنّ الكيان الصهيوني كيان استيطاني إجلائي إحلالي، وهو ربيب الولايات المتحدة الأمريكية التي أبادت الملايين من الهنود الحمر، وقتلت مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء في أنحاء متفرقة من العالم بدم بارد، وهي التي أعطت الكيان الصهيوني الضوء الأخضر للاستمرار في جرائمه البشعة بحق العرب والفلسطينيين على حدّ سواء، وهي التي تدعمه بالمال والسلاح والعمليات اللوجستية، وحرَّكت من أجله حاملتي طائرات من أضخم حاملات الطائرات في العالم، وأرسلت أكثر من 2000 جندي من مشاة البحرية (المارينز) لتقديم الدعم لجيش الاحتلال الصهيوني، بعدما زودته بكل أجهزة المراقبة والمتابعة وطائرات بدون طيار خاصة بالمراقبة والمتابعة، وصور الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية، في مواجهة المقاومة الفلسطينية.

لم يجد الكيان ما يردّ به على المقاومة الفلسطينية، فقد قصفت طائراته الحربية وصواريخه العنيفة بيوت وأملاك الشعب الفلسطيني وهدمتها على رؤوس ساكنيها من الأبرياء، حتى كانت حصيلة الشهداء المتزايدة يوماً بعد يوم تظهر أنَّ أكثر من 70% من ضحايا العدوان الصهيوني الوحشي هم من الأطفال والنساء والشيوخ.

لقد ارتكب جيش العدوان الصهيوني العديد من جرائم الحرب البشعة بحق الفلسطينيين، وتتمثل هذه الجرائم في قتل المدنيين الأبرياء، وفي الحصار والعقاب الجماعي لسكان قطاع غزة وقطع الماء والكهرباء والدواء والوقود عنهم، ومنع دخول المساعدات الإنسانية الضرورية لسكان القطاع.

وبلغت نذالة وخسّة جيش العدوان مداها عند قتل النازحين، فقد قصف طيران العدو قافلة للنازحين المدنيين العزل، وأوقع أكثر من 200 شهيد من سكان القطاع الذين نزحوا من شمال القطاع إلى جنوبه نتيجة القصف الهمجي والوحشي المتواصل.

حتى المستشفيات، التي باتت عاجزة عن تقديم الخدمات الطبية للجرحى والمصابين، لم تسلم هي الأخرى من قصف جيش العدوان المتواصل على القطاع منذ أيام، وأبشع جريمة قام بها جيش الاحتلال الصهيوني هي قصف مستشفى الأهلي المعمداني وقتل وإصابة المئات بدم بارد، حتى أنّ الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني التي تعمل ليل نهار دون كلل أو ملل لإنقاذ الجرحى والمصابين لم يسلموا من جرائم قوات الاحتلال المتوحشة، حيث تعرّضت تلك الطواقم للقصف المباشر والقتل العمد في أثناء تأديتها لواجبها الإنساني والأخلاقي.

كما تتعمّد قوات العدو الصهيوني استهداف وقتل الصحفيين لمنعهم من إيصال الحقيقة للعالم دون تزوير، وتوثيق ونقل الجرائم البشعة التي ترتكبها. وتمّ قصف المدارس والجامعات والمؤسسات الخيرية ورياض الأطفال ومراكز الإيواء. كما استهدف جيش العدوان البشر والحجر في فلسطين، فمنذ بداية العدوان دمّرت القوات الصهيونية آلاف المنازل وهدمتها على رؤوس ساكنيها، واستهدفت البنية التحتية في القطاع.

لكن رغم كلّ ذلك تعتبر عملية “طوفان الأقصى” المباركة نوعية، انتصرت فيها المقاومة الفلسطينية، وتداعياتها ستستمر لفترة طويلة من الزمن، ويكفيها ما حققته من انتصارات ومكاسب، فقد أصابت الكيان الصهيوني بالشلل التام، وكانت تكلفتها على العدو باهظة الثمن بشرياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وأنهت المستقبل السياسي لمجرم الحرب (نتنياهو)، ووجهت ضربة موجعة لحكومته اليمينية المتطرفة، وحطمت من جديد أكذوبة (الجيش الذي لا يُقهر)، ووهم التفوق العسكري الصهيوني.

من هنا فإن السابع من تشرين الأوّل 2023 سجل نصراً مؤزراً للمقاومة الفلسطينية على الكيان الصهيوني الغاصب، وأعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العربي والإسلامي والدولي، وهي قضية مركزية عالمية عادلة ولا بدّ أن يعود الحق فيها لأصحابه، ولا بد أن ينتهي الاحتلال الغاصب ويزول الكيان الصهيوني عن أرض فلسطين.