الاتحاد الأوروبي على شفا حفرة
تقرير إخباري
ألحقت العقوبات الغربية على روسيا ضرراً فادحاً بالاقتصاد العالمي كله أكثر ممّا أثّرت في اقتصاد روسيا الذي انهالت عليه آلاف الصفعات الغربية والأمريكية في محاولة لعزل روسيا وزعزعة استقرارها، لتصبح روسيا الدولة الأكثر تعرّضاً لهذا النوع من الإجراءات في العالم، حيث أعلنت أكثر من مرة أنها ستتغلب على هذه العقوبات وأن سياسة الردع والإضعاف هي إستراتيجية غربية طويلة الأجل.
فبعد أن زجّ الرئيس الأوكراني بلاده في محرقة لا ناقة له فيها ولا جمل، تتالت سلسلة العقوبات التي فرضها عجوز البيت الأبيض على موسكو في محاولة حثيثة لعزلها متناسياً أنها وريثة الاتحاد السوفييتي بكل تاريخه، في الوقت الذي ينمو فيه الاقتصاد الروسي وفق ما تنبّأ به صندوق النقد الدولي لعام 2023 أكثر من اقتصادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
خلافات دول الاتحاد الأوروبي ترجمها الصحفي الألماني فولفغانغ ميونخاو الذي توقّع انهيار الاتحاد الأوروبي في المستقبل، فالقادة الغربيون والكلام لـ ميونخاو قلّلوا من تقدير مدى صعوبة عزل دولة بهذا الحجم، وليس لديهم أي إستراتيجية مشتركة لإنهاء الصراع، كما أن الوحدة الأوروبية ستتصدّع عندما يحين الوقت للتوصل إلى اتفاق مع موسكو ودفع مبالغ ضخمة من أجل إعادة إعمار أوكرانيا.
وفي محاولة يائسة للتمويه على خلافات قادة الاتحاد الأوروبي، عقد الأخير اجتماعاً طارئاً عن بُعد في محاولة لتوجيه رسالة موحّدة بعد عملية “طوفان الأقصى”، حيث تكشّفت تلك الخلافات خاصة بعد تغيّب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن هذه المحادثات. بدوره أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن خلاف بين قادة الاتحاد وحكوماته عقب نتائج قمة غير رسمية في غرناطة حول ضرورة تحديد عام 2030 كهدف لتوسيع الاتحاد.
تلك الانشقاقات بين قادة الاتحاد تمثلت أيضاً بمعارضة قادة بولندا والمجر القوية لإصلاح نظام الهجرة الأوروبي بعد يومين من التوصل إلى اتفاق بين دول الاتحاد وخاصة رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي الذي رفض لدى وصوله إلى قمة الاتحاد الأوروبي غير الرسمية المنعقدة في غرناطة توزيع المهاجرين غير الشرعيين على بلاده قبل عشرة أيام من الانتخابات التشريعية في بولندا.
في السياق ذاته ذهب نظيره المجري فيكتور أوربان بانتقاداته بعيداً، قائلاً: “إذا تم انتهاكك باسم القانون وأُرغمت على قبول شيء لا يُعجبك، فكيف يمكن التوصل إلى تسوية أو اتفاق، هذا مستحيل”. فقد امتنعت المجر وبولندا عن التصويت على ميثاق الاتحاد الأوروبي للجوء والهجرة بعد أن اعتزم الاتحاد فرض عقوبات على البلدين.
أما أمريكا فقد أخفقت هي والاتحاد الأوروبي في حل النزاعات التجارية الرئيسية بينهما خلال اجتماع جمع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل، حيث أخفق الجانبان بالاتفاق على كيفية القضاء على العيوب التنافسية لمصدّري الصلب والألمنيوم الأوروبيين في السوق الأمريكية على المدى الطويل، واتفاق بشأن تسهيل التجارة حول المعادن التي تستخدم في تصنيع بطاريات السيارات والتي من المأمول أن تضمن عدم استبعاد شركات الاتحاد الأوروبي من سلاسل توريد السيارات بسبب برنامج دعم أمريكي جديد.
أما الذي أثار مخاوف الاتحاد فهو قانون أمريكي ينصّ على تخصيص مليارات الدولارات من الاستثمارات في العمل على مكافحة تغيّر المناخ ودعم الصناعة الأمريكية.
ومؤخراً فشل وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في لوكسمبورغ، بشأن الاتفاق على تخصيص مساعدات عسكرية لأوكرانيا من صندوق السلام الأوروبي.
من خلال سرد ما تقدّم يبدو بشكل لا ريب فيه أن الاتحاد الأوروبي وصل إلى حافة الهاوية، فالبيت إن تصدّعت جدرانه سيغدو ركاماً لا محالة.
ليندا تلي