صحيفة البعثمحليات

“شراكة مخفية”

معن الغادري

يبرّر البعض أسباب تباطؤ العمل الإنشائي في العديد من مواقع وجبهات العمل، لعدم توفر الإمكانات المطلوبة لإنجاز هذه المشاريع ضمن المعايير والمدد الزمنية المحدّدة من يد عاملة وتمويل مالي منتظم، يضاف إليها جملة من العوامل الفنية والتقنية، والتي تعيق إنجاز بالواجب المهام المنوطة بالشكل المطلوب وبما ينسجم مع الخطط والإمكانات المتاحة.

ولعلّ المشكلات التي تواجه العمل تتمثل بقدم التجهيزات والآليات المستخدمة والتي تكلف المؤسّسات والشركات الإنشائية مبالغ كبيرة وخيالية لإعادة صيانتها وإصلاحها بشكل يومي ودوري، وهي تعادل ثمنها الحقيقي أو أكثر في حال شراء بدل عنها وبمواصفات فنية أفضل، وهي معضلة حقيقية تتطلب معالجة فورية لإيقاف الهدر الحاصل والتقليل من الإنفاق على آليات مهترئة منتهية الصلاحية تستنزف ميزانيات المؤسسات والشركات الإنشائية سنوياً بمبالغ خيالية توازي، على سبيل المثال، موازنة عشرات البلدات والوحدات الإدارية في الريف، والتي ما زالت حتى اللحظة الحلقة الأضعف ضمن منظومة عمل الإدارة المحلية لضعف مواردها واعتماداتها المالية التي لا تكفي لإنارة شارع، أو إصلاح شبكة الصرف الصحي.

وفي السياق ذاته، ثمّة الكثير من الإشارات غير الواضحة عن ماهية ودور الهيئات والجهات الخاصة والمتعهدين، وشرعية شراكتهم المخفية مع القطاع العام، وهل حققت هذه الشراكة، على الرغم من عدم قانونيتها، ما هو مطلوب حتى الآن، ونجحت في جسر هوة الإمكانات التي باتت شماعة نعلق عليها تقصيرنا وأخطاءنا.

وهنا نتحدث عن عشرات العقود والمشاريع المتعثرة وغير المكتملة ضمن خريطة العمل الإنشائي في حلب -مدينة وريفاً- والتي تمّ إلزامها لمتعهدي الشركات الخاصة، إذ يشوب غالبيتها الكثير من الأخطاء والتجاوزات الفنية والقانونية والمالية، وهو ما تؤكده الكثير من التقارير الرقابية والتفتيشية التي تحتاج بدورها إلى تحريك وتفعيل لمحاسبة المتجاوزين والمرتكبين، ولقطع الطريق أمام اتساع رقعة المخالفات القانونية والمالية والتي بلغت ذروتها تحت عنوان مشروع إعادة الإعمار.

وهنا نجدّد المطالبة بتشكيل هيئة قانونية وقضائية مستقلة للتدقيق في طبيعة العقود المبرمة وفي آليات التنفيذ، والتأكد من مطابقتها لشروط ومواصفات دفاتر الشروط والعقود المبرمة، والأهم عدم صرف الكشوفات المالية إن لم تكن متوافقة ومطابقة لأدق التفاصيل، وتحديداً بما يتعلق بجودة التنفيذ ميدانياً وليس على الورق وحسب، مع التأكيد على ضرورة تعميق العلاقة والشراكة بين العام والخاص، ولكن بشروط ومعايير واضحة وشفافة أكثر فعالية وإنتاجية وخالية من الشبهات والتجاوزات.