ماذا خلف الاهتمام المفاجئ بقضية الشرق الأوسط ؟ (2)
د. مهدي دخل الله
يبدو أنه بعد القضاء على الاستعمار القديم ( بريطانيا وفرنسا ) في السويس عام /1956/ خففَّ اهتمام القطبيْن بالمنطقة العربية وحافظا على الستاتيكو فيها ، الأمر الذي استغلته اسرائيل لتوسيع احتلالها على الأرض العربية . حتى أن امريكا نفسها لم تهتم بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم /425/ على الرغم من أنها أيدته بقوة ، وأن الأمر يتعلق ببلد صديق لها ، وجيشه مسلح بسلاح من انتاجها ( لبنان ) ..
في مثل هذا الستاتيكو ، كان على أهل المنطقة العرب أنفسهم التحرك لتطبيق قرارات الأمم المتحدة بخصوص صراعهم مع الصهاينة . المقاومة اللبنانية كانت سبّاقة فقامت عام /2000/ بتطبيق القرار /425/ وحررت الجنوب .
فهم العرب – أخيراً – أن المقاومة هي الطريق الوحيد لتطبيق قرارات أممية وافقت عليها الولايات المتحدة نفسها ( 242 ، 338 ، إضافة إلى القرار 497 بخصوص الجولان ) . مع نمو المقاومة ظهر عنصر جديد في المنطقة ، وهو أن الولايات المتحدة بدأت تظهر اهتماماً كبيراً بهذا الصراع ، دافعها في ذلك الخوف من أن تعيد المقاومة رسم خريطة المنطقة بما يتعارض مع تطلعات الصهاينة وأمريكا . ومنذ عام /2000/ ، أي بعد انتصار الجانب العربي ( المقاومة ) لأول مرة في تاريخ الصراع ، هرعت أمريكا إلى المنطقة من جديد وبدأت تتلاعب بمصيرها بقوة . ردود فعل المقاومة كانت بالمقابل قوية ( انتصار 2006 في لبنان و 2009 في فلسطين – غزة ) . مع بداية العقد الثاني من هذا القرن ، حضرت الولايات المتحدة بكل قوتها ( عبر ما يسمى بالربيع العربي ) لاستعادة الوضع كما كان عليه قبل ظاهرة المقاومة ( 1948 – 2000 ) .
بالنسبة لأمريكا ، كانت العقدة الأساسية سورية ، هي المركز وهي الهدف . الشعب السوري كان أول من قال للناتو : لا ، وتصدى ، قبل أن تجرأ أي دولة في هذا العالم على التصدي ( إيران تصدت لكن سورية الوحيدة التي حاربت الناتو ميدانياً ) . ثم اتسعت دائرة التصدي الفعلي للناتو ، وصولاً إلى أوراسيا في الشمال ، ومن ثم ظهــور أزمـــــة تايــــــوان بيـــن أمريكـــا والصيــن مـــن جديــــد . وهكــذا أصبحــت منطقتنــا ( المنسية سابقاً ) من أهم مناطق تمركز الصراع بين نظامين عالميين . والفضل للمقاومة ..
هذه إضاءة بسيطة على المسألة ، لعلها تسهم – بشكل ما – في قراءة ما يحدث في غزة وحول غزة ..
mahdidakhlala@gmail.com